كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 2)

قال كثير من المفسرين: ضربت عليهم يومئذ الذلة والمسكنة، وهو أثر البؤس وزي الفقر، وذلك لعلم الله فيهم أنهم سيقتلون النبيين ويفعلون ويفعلون، ثم أعقابهم يتوارثون ذلك الذل والمسكنة، وهذا قول الكلبي (¬1). وإلى هذا القول مال ابن الأنباري، لأنه قال: قوله: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ} (¬2) منسوق على محذوف، دل الكلام عليه، وتلخيصه: اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم، فهبطوا فعثوا وأفسدوا، وضربت عليهم الذلة، فلما عرف معنى المراد حذف، وجرى مجرى الظاهر في حسن العطف عليه وقال الحسن وقتادة: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ} يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون (¬3).
وقال عطاء بن السائب (¬4): هو [الْكُسْتِيج] (¬5) وزي اليهودية، والمسكنة
¬__________
(¬1) ذكر أبو الليث عن الكلبي: يعني الرجل من اليهود وإن كان غنيا، يكون عليه زي الفقراء. "تفسير أبي الليث" 1/ 370، وانظر: "تفسير الرازي" 3/ 102، "البحر المحيط" 1/ 236.
والكلبي هو محمد بن السائب، ضعفوه، واتهمه بعضهم بالكذب، توفي سنة ست وأربعين ومائة، انظر: "تهذيب التهذيب" 3/ 569، "طبقات المفسرين" للداودي 2/ 149.
(¬2) في (ج): (والمسكنة).
(¬3) ذكره الطبري بسنده عنهما 1/ 315، وكذا "تفسير ابن أبي حاتم" 1/ 385، وانظر: "تفسير أبي الليث" 1/ 369، "تفسير ابن عطية" 1/ 319، "تفسير القرطبي" 1/ 366، "تفسير ابن كثير" 1/ 109.
(¬4) هو الإمام الحافظ، أبو السائب، كان من كبار العلماء، ولكنه ساء حفظه قليلاً آخر عمره، مات سنة ثلاثين مائة "طبقات ابن سعد" 6/ 338، و"طبقات خليفة" ص 164، "سير أعلام النبلاء" 6/ 110.
(¬5) في (أ)، (ج): (الكستينح) وفي (ب): (الكستينج)، وما أثبته هو الصواب وهو الوارد عند الواحدي في "الوسيط" 1/ 118، والبغوي 1/ 78، وفي غيرهما. =

الصفحة 591