كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 2)

وقيل: قوله: {بِغَيْرِ الْحَقِّ} تأكيد، لأن قتل النبي لا يكون إلا بغير حق، فهو كقوله: {الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 46]، {وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْه} وأمثاله (¬1).
وقوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا} قال الأخفش: ما والفعل بمنزلة المصدر، أي: ذلك الكفر والقتل بعصيانهم (¬2). يعني أن الكفر والقتل حصلا منهم بعصيانهم ما أمروا به وتركهم الطاعة (¬3)، لأن نفس الكفر والقتل هو العصيان، فالعصيان هو الكفر، والكفر هو العصيان، وكل واحد منهما موجب للآخر في هذا الموضع، وإن لم يكن العصيان كفرا في مواضع. ويجوز أن يكون المعنى: ذلك حصل بشؤم عصيانهم، فحذف المضاف (¬4).
وعلى هذا التأويل يتوجه قول من خص العصيان والاعتداء بعصيانهم الله في السبت، واعتدائهم فيه، فإن كثيرا من المفسرين ذهبوا إلى هذا (¬5)، ومنهم من لم يخص وقال: ذلك (¬6) بركوبهم المعاصي، وتجاوزهم أمري،
¬__________
(¬1) انظر: "زاد المسير" 1/ 90، "البحر المحيط" 1/ 237.
(¬2) انظر: "معاني القرآن" للأخفش 1/ 276، نقل قوله بمعناه. وانظر "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 182، "تفسير القرطبي" 1/ 368.
(¬3) انظر: "تفسير الطبري" 1/ 317.
(¬4) أو يكون العصيان والتمادي فيه جرهم إلى القتل والكفر، فإن صغار الذنوب سبب يؤدي للكبائر، ذكره البيضاوي في "تفسيره" 1/ 27. والنسفي في "تفسيره" 1/ 134، وأبو حيان في "البحر" 1/ 237.
(¬5) بل هو قول بعضهم. انظر: الكشاف 1/ 285، والنسفي في "تفسيره" 1/ 134، "البحر المحيط" 1/ 237.
(¬6) (ذلك) ساقط من (ب).

الصفحة 598