كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 2)

قال الأزهري: وإنما قلت: إن المؤمن معناه: المصدق، لأن الإيمان مآخوذ من الأمانة، والله يتولى علم السرائر ونية العقد (¬1)، وجعل تصديقه أمانة ائتمن كل من أسلم على (¬2) تلك الأمانة، فمن (¬3) صدق بقلبه فقد أدى الأمانة، ومن كان قلبه على خلاف ما يظهره بلسانه فقد خان، والله حسيبه.
وإنما قيل للمصدق: مؤمن، وقد آمن؛ لأنه دخل في أداء الأمانة التي ائتمنه الله عليها (¬4).
وأنشد ابن الأنباري على أن (آمن) معناه: صدّق (¬5) قول الشاعر:
وَمِنْ قَبْلُ آمنَّا وَقَدْ كَانَ قَوْمُنَا ... يُصلُون للأوْثَانِ قَبْلُ مُحَمَّدَا (¬6)
معناه: من قبل آمنا محمدا، [أي صدقنا محمدا] (¬7) فمحمدا منصوب بمعنى التصديق (¬8).
قال أبو علي الفارسي (¬9): ويجوز من حيث قياس اللغة، أن يكون (آمن) [صار ذا أمن] (¬10)، مثل: أجدب، وأعاه (¬11)، أي: صار ذا عاهة في
¬__________
(¬1) في (ب): (العبد).
(¬2) في (ب): (عن).
(¬3) في (ب): (فقد).
(¬4) نقل كلام الأزهري بمعناه، انظر "التهذيب" (أمن) 1/ 211.
(¬5) "تهذيب اللغة" (أمن) 1/ 211، وانظر "الزاهر" 1/ 203.
(¬6) البيت أنشده ابن الأنباري في "الزاهر" بدون عزو 1/ 203، وكذلك الأزهري في "التهذيب"، (أمن) 1/ 212، "اللسان" (أمن) 1/ 142.
(¬7) ما بين المعقوفين ساقط من (ب) و (ج).
(¬8) انظر كلام ابن الأنباري في "الزاهر" 1/ 202، 203.
(¬9) "الحجة" 1/ 220.
(¬10) ما بين المعقوفين ساقط من (ب) وفي (ج) (ذا أمر).
(¬11) في "الحجة": (أجرب، وأقطف، وأعاه) 1/ 220.

الصفحة 60