وفي قوله: {وَالصَّابِئِينَ} قراءتان (¬1): التحقيق والتخفيف (¬2)، فمن حقق فهو الأصل (¬3). ومن خفف ولم يهمز لم يخل من أحد أمرين: إما أن يجعله من صبا يصبو إذا مال، ومنه قول الشاعر:
صَبَوْتَ أَبَا ذِئْبٍ (¬4) وَأَنْتَ كَبِيرُ (¬5)
وقال آخر:
إِلىَ هِنْدٍ صبَا قَلْبِي ... وَهِنْدٌ مِثْلُهَا يُصْبِي (¬6)
أو (¬7) يجعله على ترك الهمزة من صبأ (¬8).
قال أبو علي: فلا يسهل أن يأخذه (¬9) من صبا إلى كذا، لأنه يصبو الإنسان إلى الدين، ولا يكون منه تدين مع صبوه إليه، فإذا بعد هذا، وكان
¬__________
(¬1) (قراءتان) ساقط من (ج).
(¬2) قرأ نافع بغير همز، وبقية السبعة بالهمز. انظر "السبعة" ص 158، و"الحجة" لأبي علي2/ 94، و"التيسير" ص 74.
(¬3) انظر: "الحجة" لأبي علي 2/ 95، وعلى هذا تكون لام الكلمة همزة من (صبأ) إذا خرج عن دينه. انظر: "الحجة" لابن زنجلة ص 100، ولابن خالويه ص 81، "تفسير الثعلبي" 1/ 79 أ.
(¬4) في (ب): (تأديب).
(¬5) عجز بيت لأبي ذؤيب الهذلي، وصدره:
دِيَارُ التِي قَالَتْ غَدَاةَ لَقِيتُهَا
ورد في "شرح أشعار الهذليين" للسكري 1/ 65، و"الحجة" لأبي علي 2/ 69.
(¬6) ورد في "العقد الفريد" 5/ 484، "اللسان" (صبا) 4/ 2385، ونسبه لزيد بن ضبة.
(¬7) في (ب): (إذا).
(¬8) أي: أن أصله الهمز فترك الهمز، "الحجة" لأبي علي 2/ 95، 96، و"الحجة" لابن زنجلة ص 100، "الحجة" لابن خالويه ص 81.
(¬9) قال أبو علي: (.. أو تجعله على قلب الهمزة، فلا يسهل أن تأخذه من صبا إلى كذا ..) 2/ 96.