وقال الليث: هم قوم يشبه دينهم دين النصارى إلا أن (¬1) قبلتهم نحو مهب الجنوب، يزعمون أنهم على دين نوح، وهم كاذبون (¬2).
قال عبد العزيز بن يحيى: هم قوم درجوا وانقرضوا (¬3).
واختلف المفسرون في معنى هذه الآية على طريقين (¬4):
أحدهما: أن الذين آمنوا، أي (¬5): بالأنبياء الماضين (¬6) ولم يؤمنوا بك، وقيل: أراد المنافقين الذين آمنوا بألسنتهم ولم يؤمنوا بقلوبهم. من آمن
¬__________
(¬1) في (ب): (أنهم).
(¬2) "تهذيب اللغة" (صبا) 2/ 1966.
(¬3) ذكره الثعلبي في "تفسيره" 1/ 97 ب، "البحر المحيط" 1/ 239.
(¬4) سلك الواحدي طريقة الثعلبي في إيضاح الآية، وخلاصة ما ذكره الثعلبي أن في الآية طريقين:
الأول: أن الإيمان في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} على طريق المجاز، ثم اختلفوا فيهم فقيل: من آمن بالأنبياء الماضين ولم يؤمن بك، وقيل: المنافقون.
الثاني: أن الإيمان على الحقيقة، فقيل: المراد المؤمنون من هذه الأمة، وقيل: الذين آمنوا بالنبي قبل المبعث، وقيل: المؤمنون من الأمم الماضية.
وسبب هذا الخلاف هو كيف يتم الجمع بين قوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} ثم قال: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} انظر: "تفسير الثعلبي" 1/ 97 ب، و"تفسير البغوي" 1/ 97، وأما ابن جرير فقال: (فإن قال: وكيف يؤمن المؤمن؟ قيل: ليس المعنى في المؤمن المعنى الذي ظننته، من انتقال من دين إلى دين كانتقال اليهودي والنصراني إلى الإيمان -وإن كان قد قيل إن الذين عنوا بذلك، من كان من أهل الكتاب على إيمانه بعيسى وبما جاء به، حتى أدرك محمدًا - صلى الله عليه وسلم - فآمن به وصدق فقيل لأولئك ... آمنوا بمحمد وبما جاء به- ولكن معنى إيمان المؤمن في هذا الموضع، ثباته على إيمانه وتركه تبديله. وأما إيمان اليهود والنصارى والصابئين فالتصديق بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وبما جاء به ..) "الطبري" 1/ 320، وانظر: "تفسير ابن كثير" 1/ 111.
(¬5) (أي) ساقط من (ب).
(¬6) في (أ): (الماضيين) وما في (ب)، (ج) موافق لما في الثعلبي.