كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 2)

وذلك أن (آمن) أَفْعَل، من (أَمِنَ)، والواحد إذا قال: آمنت بالله. [فإن (آمنت) فعل متعد، ومعناه: آمنت نفسي، أي: جعلتها في أمان الله بتصديقي (¬1) إياه، لأن الأمن من عذاب الله لا يحصل إلا بتصديقه، فإذا صدقه فقد آمن نفسه (¬2)، فصار التصديق إيمانا للعبد، وجاز أن يعبر عن الإيمان بالتصديق، لأن أحدهما سبب للآخر (¬3).
و (الباء) في قولك: (آمنت بالله)] (¬4) ليست (باء) التعدية، إنما هي (باء) الإلصاق التي يسميها (¬5) النحويون (باء) الاستعانة (¬6)، كما تقول: قطعت القلم بالسكين.
¬__________
= كما ذكر: أنك إذا صدقت إنسانا فيما يخبرك به لا تقول: آمنت، وبهذا استدل من قال. إن الإيمان والتصديق ليسا مترادفين على الإطلاق.
قال شارح الطحاوية: (ومما يدل على عدم الترادف، أنه يقال للمُخْبَر إذا صدَّق: صدقه، ولا يقال: آمنه، ولا آمن به، بل يقال: آمن له، كما قال تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} [العنكبوت:26]. {فَمَآءَامَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِيَّهُ مِّن قَومِهِ عَلىَ خَوْفٍ} [يونس:83]. وقال تعالى: {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 61] ففرق بين المعدى بالباء والمعدى باللام، فالأول يقال للمُخْبَر به، والثاني للمُخْبِر ..) "شرح الطحاوية" ص321، وانظر: "مجموع الفتاوى" 7/ 290.
(¬1) في (ب): (تصديقي).
(¬2) في (ب). (آمن من نفسه).
(¬3) في (ب): (الآخر).
(¬4) ما بين المعقوفين مكرر في (ب).
(¬5) في (ب): (يسموها).
(¬6) سماها شارح الطحاوية باء التعدية، لكن هناك فرق بين المعدى بالباء والمعدى باللام، فالمعدى بالباء للمخبر به، وباللام للمخبر. انظر: "شرح الطحاوية" ص 321، "مجموع الفتاوى" 7/ 288.

الصفحة 62