بالله من جملة الأصناف المذكورة في هذه الآية إيمانا حقيقيا (¬1) ولا يتم إيمانهم بالله إلا بإيمانهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم -. فإذا آمنوا بالله ورسوله محمد، فلهم أجرهم عند ربهم، والدليل على أنه أراد مع (¬2) الإيمان بالله الإيمان بمحمد أنه قال: {وَعَمِلَ صَالِحًا} وقد قام الدليل على أن من لا يؤمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يكون عمله صالحًا.
وقال ابن جرير: في قوله: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} إضمار واختصار، تقديره (¬3) من آمن منهم بالله (¬4)، لأن قوله: {مَنْ آمَنَ} في موضع خبر إن (¬5) ولا بد من عائد إلى اسم إن، والعائد هاهنا محذوف، كأنه قيل: من آمن منهم بالله (¬6)، وهذا مصرح به في سورة المائدة (¬7). وهذا معنى قول ابن
¬__________
(¬1) في (ب): (وحقيقًا). وقوله: (حقيقيًّا) يفيد أن الإيمان المذكور في أول الآية مجازي كما مر في كلام الثعلبي.
(¬2) (مع) ساقط من (ب).
(¬3) في (ب): (وتقديره).
(¬4) "تفسير الطبري" 1/ 320، ذكر كلامه بمعناه، وانظر: "تفسير الثعلبي" 1/ 80 أ.
(¬5) (أن) ساقط من (ب). وفي نسخة (أ) تعليق من الكاتب صدره بقوله: ش. ك، ونصه: (محل (من آمن) الرفع إن جعلته مبتدأ، خبره (فلهم أجرهم). والنصب إن جعلته بدلا من اسم (إن) والمعطوف عليه، فخبر (إن) في الوجه الأول الجملة كما هي، وفي الثاني: (فلهم) و (الفاء) لتضمن (من) معنى الشرط) وهو منقول من "الكشاف" بنصه 1/ 286.
(¬6) هذا على إعراب (من) في محل رفع مبتدأ، وقيل: في محل نصب بدل من اللذين، ويكون الخبر: (فلهم) والأول أحسن. انظر: "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 182، و"المشكل" لمكي 1/ 51، و"البيان" 1/ 88، "تفسير القرطبي" 1/ 370، وذكر أبو حيان: أن هذين الوجهين لا يصحان إلا على تغاير الإيمانين، الإيمان الذي هو صلة (الذين)، والإيمان الذي هو صلة (من). "البحر" 1/ 241.
(¬7) في سورة المائدة: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ =