قالوا: ويجوز أن يقدر فيه "واو" أي: ومن آمن بعدك يا محمد إلى يوم القيامة (¬1). ووحد الفعل في قوله: آمن (¬2) ثم جمع الكناية في قوله: {فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ} لأن من تصلح للواحد والجميع (¬3) والمذكر والمؤنث، فالفعل يعود إلى لفظ (مَنْ) وهو واحد مذكر، والكناية تعود إلى معنى (من) ومثله في القرآن كثير (¬4). قال الله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} [الأنعام: 25,ومحمد:16] , وفي موضع آخر: {يَستَمِعُونَ} [يونس: 42]، وقال: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ} [النساء: 13]، ثم قال: {خَالِدِينَ} فجمع، وقال: {وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ} [الأنبياء: 82]، وأنشد الكسائي:
أَلِمَّا بِسَلْمَى أَنْتُمَا إنْ عَرضْتُما ... وَقُولَا لَها عُوجِي عَلَى مَنْ تَخَلَّفُوا (¬5)
فجعل (مَنْ) بمنزلة (الذين). وقال الفرزدق:
¬__________
= الآخرة الجنة، ثم نسخ ذلك ..) الطبري 1/ 323، وانظر: "تفسير ابن أبي حاتم" 1/ 379.
(¬1) الثعلبي في "تفسيره" 1/ 79 ب، وانظر: "تفسير البغوي" 1/ 79.
(¬2) (أمن) مكرر في (ب).
(¬3) في (ب): (والجمع).
(¬4) انظر: "تفسير الطبري" 1/ 321، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 118، "تفسير الثعلبي" 1/ 80 أ، "تفسير الماوردي" 1/ 352، "تفسير ابن عطية" 1/ 329.
(¬5) البيت لامرئ القيس، وقيل: لرجل من كندة، وقوله: (ألما): أي زوراها (إن عرضتما): بلغتما إليها (عوجي): أعطفي وقفي، والرواية للبيت (عنكما) بدل (أنتما) ورد في "تفسير الطبري" 1/ 321، "تفسير الماوردي" 1/ 353، "تفسير القرطبي" 1/ 371، "الدر المصون" 1/ 408، "ديوان امرئ القيس" ص 324)، وفي "أضداد" ابن الأنباري ورواية شطره: ألما بسلمى لمَّة إذ وقفتما ص 330.