كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 2)

وقوله تعالى: {كُونُوا قِرَدَةً} أي: كونوا بتكويننا إياكم وتغييرنا خلقكم قردة (¬1).
قال ابن الأنباري: كن (¬2) ينقسم في كلام العرب على معان: منها: أن يقول الرجل للرجل: كن جبلًا فإني أهدك، وكن حديدًا فإني أغلبك، يريد لوكنت بهذا الوصف لم تَفُتْنِي (¬3)، قال الله تعالى: {قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا} [الإسراء: 50] يريد لوكنتم حجارة أو حديدا لنزل بكم الموت ووصل إليكم ألمه، ويقول الرجل للرجل إذا لم يتعلم (¬4) العلم: فكن من البهائم، أي عُدَّ نفسَك مُشبهًا لها. قال الأحوص:
إِذَا كُنْتَ عِزْهَاةً عَنِ اللَّهْو والصِّبَا ... فَكُنْ حَجَرًا مِنْ يَابِسِ الصَّخْرِ جَلْمَدَا (¬5)
أي فعُدَّ نفسك من الحجارة.
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير الطبري" 1/ 329، و"تفسير البغوي" 1/ 81، و"البيان" 1/ 90، "تفسير ابن عطية" 1/ 336.
(¬2) في (ج): (كمن في).
(¬3) في (ب): (تنتنى).
(¬4) كذا في (أ)، (ج)، وفي (ب) غير واضحة، ولعل الصواب (تتعلم).
(¬5) ويروى شطره الأول كما في شعر الأحوص:
إِذَا أنْتَ لَمْ تَعْشَقْ وَلَمْ تَدرِ مَا الْهَوَى
وفي كتاب الزينة:
إِذَا أنْتَ لَمْ تَطْرَبْ وَلَم تَشْهَدِ الْخَنَا
و (العِزْهَاةُ): الذى لا يحب اللهو ولا يَطْرب، ورد البيت في "الزينة" 1/ 124، "المخصص" 16/ 175، "الخصائص" 1/ 229، "الشعر والشعراء" ص 346، و"أمالي الزجاجي" ص 75، و"أساس البلاغة" (عزه) ص 2/ 115، "اللسان" (عزه) 5/ 2933، و"شعر الأحوص" ص 98.

الصفحة 636