كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 2)

فقال الله تعالى: {كُونُوا قِرَدَةً}] (¬1)
أي بتغييرنا (¬2) خلقكم وتبديلنا صوركم، وهذا أمر (¬3) حتم ليس للمأمور فيه اكتساب، ولا يقدر على دفعه عن نفسه (¬4).
وقال (¬5) بعض النحاة: الأمر يجيء على معان: على الفرض، والنفل، والإذن، والتهديد والتحدي، وعلى معنى الخبر. فالفرض مثل: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} (¬6) وأشباهه، والنفل كقوله: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} [النساء: 34]، والإذن: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2]، والتهديد: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40] (¬7)، وكقوله: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ} [الإسراء: 64]، الآية، والتحدي: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا} [البقرة: 23]، وفيه معنى الإلزام، إلا أن من الإلزام ما لا يكون في المقدور أصلًا كقوله: {قُل هَاتُوا بُرهَانَكُم} (¬8) وليس يصح برهان على صدقهم. وأمَّا بمعنى الخبر فقوله: {كُونُوا قِرَدَةً} (¬9) أي: جعلناهم قردة (¬10)، إلا أنه جاء بلفظ الأمر على طريق البلاغة. وقد
¬__________
(¬1) ما بين المعقوفين غير مقروء في (ب).
(¬2) في (ب): (بتغيير)، وفي (ج): (بتغيرنا).
(¬3) في (ج): (امرتكم).
(¬4) انظر: "تفسير ابن عطية" 1/ 366 - 377، و"البيان" 1/ 90، و"البحر" 1/ 246.
(¬5) (الواو) ساقطة من (ب).
(¬6) [البقرة: 43، 83، 110، والنساء: 77، والنور: 56، والمزمل: 20]
(¬7) في (أ)، (ج): (اعملوا) تصحيف.
(¬8) [البقرة: 111، والأنبياء: 24، والنمل: 64].
(¬9) [البقرة: 65، والأعراف: 166].
(¬10) ذكر الغزالي في المستصفى الوجوه التي يأتي عليها الأمر، ومنها الوجوه التي =

الصفحة 637