كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 2)

و {يُوقِنُونَ} أصله (يُيْقِنون)، لأنه (يُفْعِلون) من اليَقين، فلما سكنت (الياء) وانضم ما قبلها صارت (واوا) (¬1)، كما صارت (الواو) (ياء) لكسرة ما قبلها (¬2) في قولك: إيثاق وإيشال (¬3) وميثاق وميعاد.
واليقين: هو العلم الذي يحصل بعد (¬4) استدلال ونظر، لغموض المنظور (¬5) فيه أو لإشكاله على الناظر (¬6)، يقوي ذلك قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} [الأنعام: 75] ولذلك (¬7) لم يجز أن يوصف القديم سبحانه به، لأن علمه لم يحصل عن نظر واستدلال (¬8).
¬__________
= للتوكيد و (المفلحون) خبره، والجملة خبر (أولئك) ويجوز: أن يكون (هم) عمادًا، أو فصلاً. انظر "معاني القرآن" للزجاج 1/ 37، "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 133.
(¬1) انظر: "الكتاب" 4/ 338، "سر صناعة الإعراب" 2/ 584، وقال العكبري: (أصله (يؤيقنون) لأن ماضيه (أيقن) والأصل أن يؤتى في المضارع بحروف الماضي، إلا أن الهمزة حذفت لما ذكرنا في (يؤمنون) وأبدلت الياء واوا لسكونها وانضمام ما قبلها) (الإملاء) 1/ 13.
(¬2) مع سكون (الياء) انظر "الكتاب" 4/ 335، "سر صناعة الإعراب" 2/ 732.
(¬3) في (ب): (اسياق) ولم أجدها فيما اطلعت عليه من كتب اللغة.
(¬4) في (ب): (به).
(¬5) في (ب): (المقصود).
(¬6) قال ابن عطية: (اليقين أعلى درجات العلم وهو الذي لا يمكن أن يدخله شك بوجه) 1/ 149، وعرفه الراغب فقال: (هو سكون الفهم مع ثبات الحكم) مفردات الراغب ص 552. وانظر كتاب "معرفة أسماء نطق بها القرآن" 2/ 618 (رسالة ماجستير)، "تفسير الرازي" 2/ 32، 35.
(¬7) في (ب): (وكذلك).
(¬8) انظر: "تفسير الرازي" 2/ 32. ومذهب السلف: أن الله لا يوصف بذلك لعدم ورود النص به.

الصفحة 79