كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 2)

لم يغفر له.
فأما كفر الإنكار: فهو أن يكفر بقلبه ولسانه ولا يعرف ما يذكر له من التوحيد.
وكذلك روي في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ} [البقرة: 6]، أي: الذين كفروا بتوحيد الله.
وأما كفر الجحود: فأن يعرف بقلبه ولا يقر بلسانه، فهذا كافر جاحد ككفر إبليس، وكفر أمية بن أبي الصلت (¬1)، ومنه قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة: 89]، يعني: كفر الجحود. وأما كفر المعاندة: فهو أن يعرف بقلبه ويقر بلسانه، ويأبى أن يقبل، ككفر أبي طالب حيث يقول:
ولقد علمتُ بأنّ (¬2) دين محمد ... من خير أديان البرية دينا (¬3)
لولا الملامةُ أو حِذارُ مسَبّةٍ ... لوجدتَني سمحاً (¬4) بذاك متينا (¬5)
¬__________
(¬1) شاعر جاهلي أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - وكفر به حسدًا، كان له شعر جيد، وكان يخبر أن نبيًّا قد أظل زمانه، وكان يؤمل أن يكون ذلك النبي، فلما بلغه خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - كفر به حسداً، ولما أنشد النبي - صلى الله عليه وسلم - شعره قال: "آمن لسانه وكفر قلبه". وسبقت ترجمته، وانظر: "الخزانة" 1/ 249.
(¬2) في (ج): (أن).
(¬3) إلى هنا ينتهي السقط من (ب).
(¬4) في (ب): (سحا).
(¬5) كذا جاءت الأبيات في "التهذيب" 4/ 3160، "اللسان" (كفر) 7/ 3898، و"تفسير البغوي" 1/ 64، وفي "تفسير النسفي" 1/ 50، (ضمن مجموعة من التفاسير) وفيها (سمحا بذلك مبينا) وفي "تفسير القرطبي" (بقينا) 6/ 406. وذكرها المؤلف في "أسباب النزول" بمثل روايته لها هنا. ص 210.

الصفحة 91