كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

وقوله تعالى: {تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ} قرئ بتخفيف الظاء وتشديدها (¬1)، فمن شدّد: أدغم التاء في الظاء لمقاربتها، ومن خفف حذف التاء التي أدغمها الآخرون، فكل وَاحِد من الفريقين كره اجتماع الأمثال والمقاربة، فبعضهم خفف بالحذف، وبعضهم بالإدغام (¬2)، والمحذوفة هي التي تدغم، والمدغمة هي التي تحذف، وذلك أنها لما أُعِلّت بالإدغام أُعِلّت بالحذف.
قال سيبويه (¬3): الثانية أولى بالحذف؛ لأنّهَا هي التي تُسَكن وتدغم، في نحو {فَادَّارَأْتُمْ} [البقرة: 72] و {وَازَّيَّنَتْ} [يونس: 24]. ومما يقوي ذلك: أن الأولى لمعنًى، فإذا حذفت لم يبق شيء يَدُلّ على المعنى، والثانية من جملةِ كلمةٍ إذا حذفتْ دل ما بقي من الكلمة عليها (¬4). ومعنى تظاهرون تعاونون (¬5)، ومنه قوله: {وَإِن تَظَاهَرَا عَليهِ} [التحريم: 4]، وقوله: {سِحرَانِ تَظَاهَرَا} (¬6) [القصص: 48] أي: تعاونا (¬7) على سحرهما، ومنه: {وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4]، أي: معين (¬8). والتقدير فيه
¬__________
(¬1) قرأ الكوفيون (عاصم، وحمزة والكسائي) بالتخفيف، وقرأ الباقون بالتشديد، ينظر: "السبعة" ص162 - 163و"النشر" 2/ 218.
(¬2) ينظر "معاني القرآن" للزجاج 1/ 166.
(¬3) "الكتاب" 2/ 425 - 426.
(¬4) هذا كله كلام أبي علي الفارسي في "الحجة" 2/ 134 - 135.
(¬5) في (م): (تعارفون).
(¬6) قرأ الكوفيون (سحران) من غير ألف، وقرأ الباقون (ساحران). ينظر "السبعة" "النشر" 2/ 341.
(¬7) في (م): (تعارفا).
(¬8) "تفسير الثعلبي" 1/ 1019.

الصفحة 118