كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

الطهارة (¬1)، كأنه منسوبٌ إلى الطهارة، وذلك أنه ممن لا يقترف ذنبًا ولا يأتي مأثمًا.
وتأييد عيسى بجبريل عليهما السلام هو أنه كان قرينه، يسير معه حيثما سار، وأيضًا فإنه صَعِد به إلى السماء (¬2)، ودليل هذا التأويل: قوله عز وجل: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} [النحل: 102]، يعني: جبريل (¬3). وإنّما سُمي جبريل رُوحًا؛ لأنه بمنزلة الأرواح للأبدان تحيا بما يأتي من (¬4) البيان عن الله عز وجل من يُهدَى به، كما قال عز وجل: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} [الأنعام: 122]، أي: كان كافرًا فهديناه.
¬__________
= قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} فلو كان الروح الذي أيده الله به هو الإنجيل لكان قوله: {إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ} {وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} تكرير قول لا معنى له، وانظر "تفسير ابن كثير" ص 112.
(¬1) "معاني القرآن" للزجاج 1/ 168، الطبري في "تفسيره" 1/ 132.
(¬2) ينظر: "تفسير الثعلبي" 2/ 1026، وذكر ابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 112 - 113 في تأييد عيسى بروح القدس الذي هو جبريل ثلاثة أقوال: أحدها: أنه أُيد به لإظهار حجته وأمر دينه. والثاني: لدفع بني إسرائيل عنه إذ أرادوا قتله. والثالث: أنه أيد به في جميع أحواله.
(¬3) "تفسير الثعلبي" 1/ 1026 وقال الشنقيطي في "أضواء البيان" 1/ 142 هو جبريل على الأصحِ، ويدل ذلك قوله تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء: 193] وقوله: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} [مريم: 17]، انتهى. ويؤيده أيضًا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لحسان - رضي الله عنه -: "ياحسان أجب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، اللهم أيده بروح القدس". رواه البخاري (453) في الصلاة، باب الشعر في المسجد ومسلم (2485) كتاب: في فضائل الصحابة، باب فضائل حسان بن ثابت وينظر "التفسير الصحيح" 1/ 192.
(¬4) في (م): (عن).

الصفحة 130