وقوله: {أَفَكُلَّمَا} ذهب أبو الحسن (¬1) في هذه الفاء إلى أنها زائدة، والوجه: أن تكون غير زائدة وأن تكون للإتباع؛ لتعلق ما قبلها بما بعدها.
وعلى هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -، وقد قيل له لما جهد (¬2) نفسه بالعبادة: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: "أفلا أكون عبدا شكورًا" (¬3). فالوجه أن تكون الفاء هَاهُنَا مُتبعَةً غير زائدة (¬4).
ونصب (كلّما) كنصب سائر الظروف (¬5)، وكُلّ: حرفُ جملة، وهو اسم يجمع الأجزاء (¬6).
وقال أبو الهيثم: يقع (كل) على اسم منكور مُوحَّد فيؤدي معنى الجماعة، كقولهم: ما كلُّ بيضاءَ شحمةً (¬7).
و (ما) هاهُنا حرف جزاء (¬8)، ضم إلى (كل) (¬9).
ومعنى {أسْتَكبَرْتُم}: تعظمتم عن الإيمان به؛ لأنهم كانت لهم
¬__________
(¬1) أي: الأخفش.
(¬2) في (م): (أجهد).
(¬3) رواه البخاري (1130) في أبواب التهجد، باب: قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - الليل حتى ترم قدماه، ومسلم (2819) في الجنة والنار، باب: إكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة.
(¬4) ينظر: "البحر المحيط" 1/ 300.
(¬5) "معاني القرآن" للزجاج 1/ 169.
(¬6) "اللسان" 11/ 591، وقال في "البحر المحيط" 1/ 88: كل للعموم، وهو اسم جمع لازم للإضافة، إلا أن ما أضيف إليه يجوز حذفه ويعوض منه التنوين، وأحكام كل كثيرة.
(¬7) نقله عنه الأزهري في "تهذيب اللغة" 9/ 450 وعنه ابن منظور في "اللسان" 11/ 591، وينظر: "مغني اللبيب" 1/ 201 - 202.
(¬8) في (ش): (وخبر).
(¬9) ينظر: "مغني اللبيب" 2/ 201.