كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

كتاب من عند الله جحدوه، وحذف لأنه معروف، دل عليه {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ}، هذا قول أبي إسحاق (¬1).
وقال الفراء: جوابه في الفاء في قوله: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا}، وفيه أيضا معنى الابتداء. و (كفروا) بما فيه من جوابهما جميعًا، والعرب تجيب كلامين بجواب واحد، كقولهم: ما هو إلا أن يأتي عبد الله فلما قعد أكرمته (¬2) (¬3).
والدليل على هذا: أن الواو لا تجوز في موضع الفاء في قوله: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا} كما جاز في ابتداء الآية، فذلك دليل على أنها جواب وليست بنسق.
ومثل هذا في كون الفاء جوابًا قوله: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه: 123] {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ} (¬4) صار كأنه جواب لـ"إما"، ألا ترى أن الواو لا تصلح في موضع الفاء هنا.
وقال محمد بن يزيد (¬5) قوله: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ} تكرير للأول؛ لأن
¬__________
(¬1) "معاني القرآن" للزجاج 1/ 171، وذكره الطبري في "تفسيره" 412 - 413، وممن ذهب إليه: الأخفش واختاره الزمخشري كما في "البحر المحيط" 1/ 303، ورجحه أبو حيان.
(¬2) قال الفراء: ما هو إلا أن أتاني عبد الله فلما قعد أوسعت له وأكرمته.
(¬3) "معاني القرآن" للفراء 1/ 59 بتصرف، وذكره الطبري في تفسيره 1/ 412 - 413، ونسبه إليه في "البحر المحيط" 1/ 303، وقال: وأما قول الفراء، فلم يثبت من لسانهم: لما جاء زيد فلما جاء خالد أقبل جعفر، فهو تركيب مفقود في لسانهم فلا نثبته، ولا حجة في هذا المختلف فيه، فالأولى أن يكون الجواب محذوفًا لدلالة المعنى عليه.
(¬4) ساقطة من (ش).
(¬5) أي المبرد، ينظر: "البحر المحيط" 1/ 303.

الصفحة 141