وقال الكسائي: قولك: نعم الرجل، كالشيء الواحد يرتفع بهما زيد (¬1)؛ لأن قولك: الرجل زيد، لمعنى: صلح زيد، فارتفاع زيدٍ، كارتفاع الفاعل.
قال الفراء: فإن أضفتَ النكرةَ التي بعد نِعْمَ إلى نكرة رفعت ونصبت، فقلت: نعم غلامُ سَفَرٍ زَيدٌ، وغلامَ سفرٍ زيد، فإن أضفت إلى المعرفة شيئًا رفعتَ، فقلت: نعم سائسُ الخيل أخوك، ولا يجوز النصبُ إلّا أن يضطرّ إليه شاعر؛ لأنهم حينَ أَضَافوا إلى النكرَة آثروا الرفع، فهم إذا أضَافوا إلى المعرفة أحرى أن لا ينصبوا (¬2).
فإن وصلت "مَا" بـ"نعم وبِئسَ" نحو: بئسما ونعِمّا، فقال الزجّاج: (ما) فيهما لغير صلة (¬3)؛ لأن الصلة توضح، وتخصص، وَالقصد في بئسَ (¬4) أن يليها اسم منكور واسم جنس (¬5).
فقوله {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} بئس شيئًا اشتروا به أنفسهم (¬6)، قال: وروى جميع النحويين: بئسما تزويجٌ ولا مهر، وَالمَعنى فيه: بئسَ
¬__________
(¬1) نقله الفراء في "معاني القرآن" عن الكسائي 1/ 56، ابن عطية في "المحرر" 1/ 391، "تفسير القرطبي" 2/ 24 قال ابن عطية: وهذا أيضاً معترض؛ لأن بئس لا تدخل على اسم معين متعرف بالإضافة إلى الضمير.
(¬2) "معاني القرآن" للفراء 1/ 57.
(¬3) في "معاني القرآن" للزجاج: بغير.
(¬4) في "معاني القرآن" للزجاج: نعم.
(¬5) في "معاني القرآن" للزجاج: اسم منكور أو جنس، وفي "الإغفال" ص 317: اسم منكور أو اسم جنس.
(¬6) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 172، ونقله في "اللسان" 1/ 201 مادة (بئس).