الكفر، فيكون كقولك: بئس الرجل زيد، على الاختلاف الذي حكينا عن سيبويه والخليل والكسائي في رفع زيد، وقال الفراء: يجوز أن يكون محله جزًا بدلًا من المكني في (به)، كأنك قلت: اشتروا أنفسهم بالكُفْر (¬1).
وقوله تعالى: {بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} يعني: القرآن (¬2).
{بَغْيًا} أَصْلُ البغي في اللغة: الظلم والخروج عن النَّصَفَة والحدّ، يقال: بَغَى الفرس في عدوه، إذا اختال ومرح، وإنه ليبغي، ولا يقال: فرس باغ، وبغى الجُرحُ يَبْغِي بَغْيًا، إذا وَرم وكثر فيه المِدّة (¬3)، وبَغَتِ السماء، إذا كثر مطرها حتى تجاوز الحدّ، وبغى الوادي، إذا بلغ الماء منه موضعًا لم يبلغه قبل.
وقالَ قوم: أصل البَغْي: الطلب (¬4)، يقال: بغى الشيءَ، إذا طلبه، وأَبْغَاه، أعانه على الطلب. والبَغيّ: التي تطلب الزنا، ومنه قيل للأمة: بَغِيٌّ. وما ينبغي كذا، أي: ليس بصواب طلبه، والبَغْيُ: شدة الطلَب للتطاول (¬5).
¬__________
(¬1) "معاني القرآن" للفراء 1/ 56، ونصه: أن يكفروا، في موضع خفض ورفع، فأما الخفض فأن ترده على الهاء التي في به، على التكرير على كلامين، كأنك قلت: اشتروا أنفسهم بالكفر. وأما الرفع فأن يكون مكرورا أيضا على موضع ما التي تلي بئس. اهـ. وينظر في إعراب الآية: "التبيان" للعكبري ص 75، حيث ذكر القولين السابقين وزاد: وقيل: هو مبتدأ، وبئس وما بعدها خبر عنه.
(¬2) "تفسير الثعلبي" 1/ 1032.
(¬3) المِدَّة بكسر الميم القيح، وهي الغثيثة الغليظة، وأما الرقيقة فهي صديد وأَمَدّ الجرح إمدادًا، صار فيه مِدَّةٌ ينظر: "المصباح المنير" ص 567.
(¬4) قال في "مقاييس اللغة" 1/ 272: الباء والغين والياء أصلان: أحدهما: طلب الشيء، والثاني: جنس من الفساد.
(¬5) ينظر في معاني البغي: "تهذيب اللغة" 1/ 367، "مقاييس اللغة" 1/ 271 - 272، "المفردات" للراغب ص 65، "اللسان" 1/ 323.