كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

قال المفسرون: البَغْيُ، هاهُنا، بمعنى الحَسَد (¬1).
قال اللحياني (¬2): بغيت على أخيك بغيًا، أي: حسدته، وقال الله تعالى: {ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ} [الحج: 60]، وقال: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [الشورى: 39] فالبغي أصله الحَسَد، ثم سمي الظلم بغيًا؛ لأن الحاسِد يظلم المحسودَ جَهْدَه إرادة زوال نعمة الله عليه عنه (¬3).
قال ابن عباس في هذه الآية: إنَّ كفر اليهود لم يكن شكًا ولا شيئًا اشتبه عليهم، ولكن بغيًا منهم، حيث صارت النبوة في ولد إسماعيل (¬4).
وانتصابه على المصدر؛ لأن ما قبله من الكلام يدلّ على بَغَوا، فكأنه قيل: (¬5) بَغَوا بغيًا (¬6).
وقال الزجّاج: انتصب؛ لأنه مفعول له، كما تقول: فعلت ذلك حِذارَ الشرّ، أي: لحذر الشر (¬7)، ومثله من الشعر: قول حَاتِم (¬8):
¬__________
(¬1) ينظر: الطبري في تفسيره 1/ 415، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 173، "زاد المسير" 1/ 114، "تفسير القرطبي" 2/ 25.
(¬2) هو: أبو الحسن علي بن حازم، وقيل: علي بن المبارك، تقدمت ترجمته [البقرة: 10].
(¬3) من "تهذيب اللغة" 1/ 367.
(¬4) لم أجده بهذا اللفظ لكن قريب منه عند ابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 173.
(¬5) في (ش): (قال).
(¬6) ينظر: "التبيان" للعكبري ص 75.
(¬7) والعامل فيه: يكفروا، أي: كفرهم لأجل البغي، أو يكون العامل فيه: اشتروا. ينظر: "البحر المحيط" 1/ 305.
(¬8) هو: حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج الطائي القحطاني، فارس شاعر جواد، جاهلي يضرب المثل بجوده، كان من أهل نجد، شعره كثير ضاع معظمه. ينظر: "الشعر والشعراء" ص 143، و"الأعلام" 2/ 151.

الصفحة 151