كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

يريد ليس سوى هذا الكلام شيء (¬1).
ويحتمل {بِمَا وَرَاءَهُ} بما بعده، أي: ما بعد التوراة، يريد: الإنجيل والقرآن، وهذا كقوله: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24]، أي: ما بعده، وما سواه.
وقوله تعالى: {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ} (¬2) مثله (¬3). أبو العباس، عن ابن الأعرابي في قوله: {وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ} قال: بما سواه (¬4). وسنذكر الكل في (وراء) عند قوله: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ} [الكهف: 79] وقوله {وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود: 71] وقولِه: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي} [مريم: 5]، إن شاء الله.
وقوله تعالى: {وَهُوَ اَلحَقُّ} (هو) كناية عما في قوله: {بِمَا وَرَاءَهُ}.
و (ما وراءه)، يجوز أن يكون واقعًا على الإنجيل والقرآن، فأفرد الله القرآن بقوله: (وَهُوَ الْحَقّ) تفصيلًا له وتخصيصًا (¬5).
ويجوز أن يكون (هو) كناية عن محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله تعالى لما ذكر الإنزال والمنزِّل دلّا على المُنزَّل عليه، فكان كالظاهر.
قال أبو إسحاق: في قوله: {وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ} دلالة على أنهم قد كفروا بما معهم، إذ كفروا بما يُصَدِّق مَا معهم. قال: ونصبت
¬__________
(¬1) "معاني القرآن" للفراء 1/ 60.
(¬2) جزء من آية وردت في سورة [المؤمنون: 7]، [المعارج: 31]
(¬3) ينظر: "البحر المحيط" 1/ 307.
(¬4) نقله عنه في "تهذيب اللغة" 4/ 3879، "اللسان" 8/ 4807، وينظر: "تفسير القرطبي" 2/ 25، "البحر المحيط" 1/ 307.
(¬5) ينظر: "تفسير الثعلبي" 1/ 1033، "البحر المحيط" 1/ 307.

الصفحة 155