كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

وقال أبو عبيد: يقال: آلفتُ القوم، إذا جعلتهم ألفًا، وقد آلفوا هم، إذا صاروا ألفًا (¬1). وأما السنة فأصلها والكلام فيها يذكر عند قوله: {لَمْ يَتَسَنَّه} [البقرة: 259]. وخَصَّ الألف هاهُنا بالذكر: لأنه نهاية العُقُود، وقيل: لأنه نهاية ما كانت تدعُو بهِ المجوس لملوكها (¬2).
وقوله تعالى: {وَمَا هُوَ} الكناية راجعة إلى أحدهم، كأنه قيل: وما أحدهم بمزحزحه من العذاب تعميره، كما تقول: ما عبد لله بضاربه أبوه.
قال أبو إسحاق: ويصلح أن يكون هو كناية عما جرى ذكره من طول العمر، وهو قوله: (لو يعمر) فيكون: وما تعميره بمزحزحه (¬3)، والفعل يدل على المصدر، كقوله: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] وإنه يريد إنأكله، وعلى هذا قوله: {وأَن يُعَمَّرَ} تكرير لذكر التعمير، فيكون كقوله: {وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ} أعاد المصدر بعد ما كنى عنه (¬4).
وقال ابن الأنباري: يجوز أن يكون هو كناية عن الشأن والأمر في قول الكسائي، والمعنى عنده: وما الشأن بمزحزحه من العذاب أن يعمَّر (¬5).
قال: ويجوز أن يكون عمادًا في قول الفراء. والعرب تدخل (هو) للعماد مع (ما) في الجحد و (هل) و (واو الحال)، فيقولون: هل هو قائم
¬__________
(¬1) نقله عنه في "تهذيب اللغة" 1/ 183، "اللسان" 1/ 108.
(¬2) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 178، "تفسير الطبري" 1/ 429، "تفسير الثعلبي" 1/ 1039، "زاد المسير" 1/ 117.
(¬3) "معاني القرآن" للزجاج 1/ 178.
(¬4) ينظر: "البحر المحيط" 1/ 315.
(¬5) وأجاز هذا الوجه أبو علي كما في "البحر المحيط" 1/ 315، وقال في التبيان 1/ 78: ولا يجوز أن يكون هو ضمير الشأن لأن المفسر لضمير الشأن مبتدأ وخبر، ودخول الباء في بمزحزحه يمنع من ذلك.

الصفحة 170