كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

به الاستقبال (¬1). قال أبو علي: وقد اتسعوا في إقامة أمثلة الأفعال، بعضها مقام بعض (¬2)، من ذلك: إقامتهم مثال الأمر مقام الخبر، نحو قولهم: أكرِمْ بزيد وقوله: {أَسْمِعْ بِهِمْ} [مريم:38]، ومعنى هذا: كرُمَ زيد، وسمعوا (¬3) وأبصروا، أي: صار زيد ذا كرم، وصار هؤلاء المستحقون لأن يمدحوا بهذا المدح ذوي (¬4) أسماع وأبصار (¬5).
ووقع مثال الأمر مقام الخبر، كما وقع مثال الخبر مقام الأمر في مثل: غفر الله لزيد، وقطع الله يده، وفي التنزيل: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [البقرة: 233]. وقال: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: 234] (¬6).
فكذلك تَتْلُوا في هذه الآية، يجوز أن تكون بمعنى (تلتْ) كهذه الأشياء التي أريتكها، وهذا وجه. وأما الوجه الآخر: فعلى أن يكون يفعل على بابه، لا تريد به فَعَل كما أردت في الأول، ولكن تجعله حكايةً للحال وإن كان ماضيًا، وهذا الوجه في السَّعَة والكثرة كالأول وأسوغ (¬7)، كأنه حكى الفعل الذي كان يُحدّث به عنهم وهو للحال.
ونظير هذا قوله: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ} [البقرة:
¬__________
(¬1) "الإغفال" ص 323، 324.
(¬2) في "الإغفال": اتساعًا أشد مما قدمنا.
(¬3) في "الإغفال" فمعنى هذا: أكْرم زيد وأسمعوا. وما في نسخة البسيط أصوب.
(¬4) في نسخة "الإغفال" جاء النص مُحرّفًا: وصار هؤلاء المستحقون الآن يمدحون بهذا المدح، ويثنى عليهم بهذا الثناء دون أسماع وأبصار.
(¬5) "الإغفال" ص 326.
(¬6) "الإغفال" ص 327 وما بعدها. بتصرف كبير.
(¬7) في "الإغفال": أو أسوغ.

الصفحة 187