كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

جميعًا حرفًا واحدًا (¬1).
وقال الكسائي: حرفان من الاستثناء لا يقعان (¬2) أكثر ما يقعان إلا مع الجحد، وهما: لكن وبل، والعرب تجعلهما مثل واو النسق (¬3).
وقال المبرد: لكن من حروف العطف، وهي الاستدراك بعد النفي، ولا يجوز أن يدخل بعد واجب إلا لترك قصة إلى قصة تامة، نحو قولك: جاءني زيد لكن عبد الله لم يأت (¬4).
وأما اختلاف القراء في تشديد (لكن) في بعض المواضع وتخفيفها في بعض، فلا معنى للمصير إلى التبعيض في هذه المواضع ونظائرها إلا بأن تترجح عند أحد من القراء بعض الروايات على بعض، فيصير إليه (¬5).
ومعنى الآية: ولكن الشياطين كفروا بالله يعلّمون الناس السحر. يريد: ما كتب لهم الشياطين من كتب السحر. ويجوز أن يكون (يعلّمون) في فعل اليهود الذين عُنُوا بقوله: {وَاْتَّبَعُواْ} (¬6).
وسمي السحرُ سحرًا؛ لخفاء سببه. ومنه: السِّحْر وهو الغِذَاء، كقول لبيد (¬7):
ونُسْحَرُ بالطعام وبالشراب (¬8)
¬__________
(¬1) نقل كلام الفراء صاحب "اللسان" 7/ 4070، وقد ناقش أبو علي في "الحجة" 2/ 179 ذلك وبين أن القياس لا يوجب هذا الذي ذكره الفراء من تشديدها مع الواو وتخفيفها مع عدمها.
(¬2) في (ش): (لا تقعان).
(¬3) نقل كلام الكسائي صاحب "اللسان" 7/ 4070.
(¬4) "المقتضب" للمبرد 1/ 12.
(¬5) ينظر: "الحجة" 2/ 179 - 180.
(¬6) ينظر: "تفسير الطبري" 1/ 451 - 452، "معاني للقرآن" للزجاج 1/ 183، "تفسير الثعلبي" 1/ 1062، "البيان" لابن الأنباري 1/ 114، "التفسير الكبير" للرازي 3/ 205.
(¬7) هو: أبو عقيل، لبيد بن ربيعة بن مالك العامر، تقدمت ترجمته [البقرة: 2].
(¬8) وشطره الأول: =

الصفحة 193