فإن قيل (¬1): أليس قال الله تعالى: {ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَه} [النور: 43] فأضاف (بين) (¬2) إلى اسم مفرد؟ قيل: الهاء فيه ضمير يعود إلى اسم يراد به الجمع، فجاز إضافة (بين) إليه من حيث جاز إضافته إلى الاسم الذي هذه (¬3) الهاء عائدة إليه، وذلك قوله: {سَحَابًا} (¬4) ألا ترى أن سحاباً جمع سحابة.
فأما قوله (¬5): بيني وبينه مال، فمذهب سيبويه فيه أن (بين) الثاني متكرر للتأكيد، ومعناه عنده (¬6): بيننا. قال: وهو مثل قولهم: أخزى الله الكاذب منِّي ومنك وإنما هو: منا (¬7)، وكقول القائل (¬8):
فأيِّي ما وأَيُّك كان شرًّا ... فَقِيدَ إلى الْمقَامَةِ لاَ يَرَاهَا (¬9)
¬__________
(¬1) "الإغفال" ص 226.
(¬2) (بين): ساقط من (ب).
(¬3) في (ج): (هو هذه).
(¬4) سياق الآية: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ} [النور: 43].
(¬5) في (ب): (قولهم).
(¬6) في "الإغفال": فمذهب سيبويه فيه أن (بين) الثاني متكرر للتأكيد، كما يكرر
الشيء له، ومعناه عندنا: بيننا .. ص 227.
(¬7) انظر: "الكتاب" 1/ 204.
(¬8) هو العباس بن مرداس.
(¬9) معنى البيت: يقول من كان منا شرًّا أعماه الله في الدنيا فلا يبصر مجلسه، وقيل: مات على عماه فيقاد إلى موضع إقامة الناس في العرصات، و (المُقامة): بفتح الميم وضمها: المجلس ومكان اجتماع الناس. انظر: "الكتاب" 2/ 402، "شرح أبيات سيبويه" للسيرافي 2/ 93، و"شرحها" للنحاس ص 155، "الإغفال" ص 227، "تهذيب اللغة" (أى) 1/ 242، "اللسان" (قوم) 6/ 3787، و (أيا) 1/ 242، "أمالي القالي" 3/ 60، "شرح المفصل" 2/ 131، "الخزانة" 4/ 367، "البحر المحيط" 4/ 226.