محمد - صلى الله عليه وسلم - وسط، أي: عدول؛ لأنهم لم يغلوا غلو النصارى، ولا قصّروا تقصير اليهود، في حقوق أنبيائهم، بالقتل والصلب (¬1).
وقالت طائفة: وَسَط جمع واسط، وفَعَل يجوز في جمع فاعل، نحو: خدَم ونشَأ. والواسط: الذي يسِطُ الشيء، أي: يتوسطه، قال الشاعر:
وَسَطتْ نسبتي الذوائبَ منهم ... كلُّ دار فيها أبٌ لي عظيم (¬2) (¬3)
وفلان من واسطة قومه، أي: من أعيانهم، وهذا يحتمل أمرين:
أحدهما: أن نسبه توسط نسبهم، فهو كريم الطرفين، أبوه وأمه من ذلك النسب.
والثاني: أنه أخذ من واسطة القلادة؛ لأنه يجعل فيه أنفَسَ خَرَزها.
قال بعض سعد بن زيد مناة:
ومَن يفتقِرْ في قومه يحمَدِ الغنى ... وإن كان فيهم واسطَ العَمِّ مُخْوِلا (¬4)
قوله: واسط العم، يحتمل المعنيين (¬5).
وقوله تعالى: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} قال ابن عباس في رواية عطاء: يريد: على جميع الأمم، وذلك أن (¬6) الله تعالى إذا جمع الأولين والآخرين، أتى بالناس أمة بعد أمة، فيؤتى بأمة نوح، فيسألهم عما أرسل
¬__________
(¬1) ينظر: "المحرر الوجيز" 1/ 3 - 5.
(¬2) سقطت من (م).
(¬3) البيت لحسان بن ثابت في "ديوانه" ص 225.
(¬4) البيت لجابر بن الثعلب الطائي، ينظر: "ديوان الحماسة" 1/ 109.
(¬5) ينظر: "زاد المسير" 1/ 154.
(¬6) في (م): (لأن الله).