وقوله تعالى: {تُثِيرُ الأَرْضَ} صفة لذلول (¬1)، والنكرة مع صفتها شيء واحد، ولذلك (¬2) قلنا: إن المراد بقوله: {تُثِيرُ الأَرْضَ} النفي لا الإثبات، لأنه نفي أن تكون مثيرة للأرض (¬3)، والنفي دخل على أول الكلام، فانتفى ما كان ينضم إليه، والصفة للنكرة كالصلة للموصول، ولو قلت: فلان ليس بالذي يأتيني كنت نافيًا للإتيان. ألا ترى إلى (¬4) قول طرفة:
لا كَبِيرٌ (¬5) دالفٌ من هَرَمٍ ... أرْهَبُ اللّيْلَ ولا كَلُّ الظُّفُرْ (¬6)
أراد أنه لا يدلف من الهرم ولا يرهب الليل، ولم يرد الإثبات.
¬__________
(¬1) وقيل: في موضع الحال من المضمر في (ذلول)، أو حال من (ذلول) أو حال من بقرة، أو صفة لها، أو مستأنفة، فيكون الوقف على (ذلول)، والقول الأخير مردود عند كثير من العلماء، وسيذكره الواحدي.
انظر: "إعراب المشكل" 1/ 53، "الكشاف" 1/ 288، "تفسير ابن عطية" 1/ 346، "الإملاء" 1/ 42، "البحر المحيط" 1/ 255، "الدر المصون" 1/ 429، 430.
(¬2) في (ب): (وكذلك).
(¬3) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 124، "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 186، "الإملاء" 1/ 42.
(¬4) في (ب): (في).
(¬5) في (ب): (كثير).
(¬6) قوله: (دالف): الدالف هو الذي يقارب الخطو ويمشي مشي المقيد، (الهَرَم): أقصى الكبر، كَلُّ الظفُر) أي: ظفري غير كليل، كناية عن قوته وبطشه، وكليلُ الظفَّر: المهين الذي لا يؤبه له. ورد البيت في ديوان طرفة ص 75، "مقاييس اللغة" (ظفر) 3/ 466، وفيه (لا كليل دالف)، وورد الشطر الثاني في "اللسان" (ظفر) 5/ 2749، وفيه (لست بالفاني ولا كل الظفر).