كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

هذا في قوله: {فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 132].
وقيل: أراد ليعلم محمد - صلى الله عليه وسلم -، فأضاف علمه إلى نفسه تخصيصًا وتفضيلًا، كقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ} [الأحزاب: 57] وقوله: {فَلَمَّا آسَفُونَا} [الزخرف: 55] (¬1) وتحقيق هذا القول: أنه تعالى أراد: ليعلم حزبنا من النبي والمؤمنين، كما يقول الملك: فعلنا بمعنى: فعل أولياؤنا، ومنه: فتح عُمَرُ السواد، وجبى الخراج، وإن لم يتول ذلك بنفسه (¬2).
وقوله تعالى: {مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ} أي: يطيعه في التوجه (¬3) إلى بيت المقدس (¬4).
{مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} أي: يرتد فيرجع إلى الشرك دين آبائه (¬5).
ويجوز أن يكون المراد: ممن هو مقيم على كفره (¬6)؛ لأن جهة الاستقامة إقبال وخلافها إدبار، وكذلك وصف الكافر بأنه أدبر واستكبر، هذا إذا قلنا: المراد بقوله: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا} بيت المقدس
¬__________
(¬1) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 13، والثعلبي في "تفسيره" 1/ 1238.
(¬2) قال ابن عطية في "المحرر الوجيز" 2/ 8 عن الأقوال السابقة: وهذا كله متقارب، والقاعدة: نفي استقبال العلم بعد أن لم يكن. وقال أبو حيان في "البحر المحيط" 1/ 424: فهذه كلها تأويلات في قوله: (لنعلم) فرارًا من حدوث العلم وتجدده؛ إذ ذاك على الله مستحيل، وكل ما وقع في القرآن مما يدل على ذلك أُوِّل بما يناسبه من هذه التأويلات.
(¬3) في (ش): (التوحيد).
(¬4) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 14.
(¬5) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 15، "زاد المسير" 1/ 155، "المحرر الوجيز" 2/ 10، "تفسير القرطبي" 2/ 144.
(¬6) ينظر: "التفسير الكبير" 4/ 105.

الصفحة 380