وقوله تعالى: {تَرْضَاهَا} أي: تحبها وتهواها (¬1)؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان راضيًا بالقبلة الأولى، مطيعًا لله في حال صلاته إليها (¬2)، ولكنه أحبّ أن (¬3) تكون قبلته الكعبة، للمعاني التي ذكرنا (¬4).
وقوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ} أي: أقبل وجهك نحوه.
وقوله تعالى: {شَطْرَ الْمَسْجِدِ} أي: قصدَه ونحوَه، ومعنى الشطر: النحو عند أهل اللغة، يقولون: وَلِّ وجْهَك نحوَ الموضع، وشطرَه، وتلِقَاءه بمعنًى.
قال الشاعر:
وأظعنُ بالقوم شَطْر الملوك ... حتى إذا خَفَق المِجْدَحُ (¬5)
وقال آخر:
أقول لأم زِنباعَ أقيمي ... صُدورَ العِيس شَطْرَ بني تميمِ (¬6)
¬__________
(¬1) ينظر: "تفسير الثعلبي" 1/ 1243.
(¬2) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 222.
(¬3) أن ساقطة من (م).
(¬4) تقدمت في أول الآية.
(¬5) البيت لدرهم بن زيد الأنصاري، في "تفسير الثعلبي" 1/ 1244، "مجمل اللغة" 1/ 180، "الكشاف" 1/ 201، "أساس البلاغة" 2/ 72، "تاج العروس" 4/ 22 (جرح)، "لسان العرب" 1/ 559، 2/ 1214. والمجدح: نجم من النجوم كانت العرب تزعم أنها تمطر به، كقولهم الأنواء. وجواب إذا خفق المجدح، في البيت الذي بعده وهو قوله:
أمرت صحابي بأن ينزلوا ... فناموا قليلًا وقد أصبحوا
(¬6) البيت لأبي زنباع الجذامي، في "الدرر" 3/ 90، "لسان العرب" 4/ 2263 "شطر"، ولأبي ذؤيب الهذلي في "شرح أشعار الهذليين" 1/ 363، وبلا نسبة في "شرح ديوان الحماسة" للمرزوقي 2/ 705.