كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

وقال سُدَيف:
أقِمْ قصدَ وجهك شطرَ العراق ... وخالَ الخليفة فاستَمْطِرِ (¬1)
قال أبو اسحاق: لا اختلاف بين أهل اللغة أن الشطر معناه: النحو. قال: وقول الناس: فلان شاطر، معناه: إنه قد أخذ في نحو غير الاستواء. قال: ونصب قوله: {شَطْرَ الْمَسْجِدِ} على الظرف (¬2).
وقوله تعالى: {اَلْحَرَامِ} بمعنى المحرم، وأصله: من المنع، وسمِّيت تلك البقعة حرامًا لما منع فيها من أشياء لم تمنع في غيرها (¬3)، ونذكر الكلام في الحرام والحرمات في موضع آخر. {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ} في بر أو بحر (¬4)، وذكرنا الكلام في حيث عند قوله: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199].
{فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} فيه إضمار واختصار، أي: وحيثما كنتم، وأردتم الصلاة، فولّوا وجوهكم شطره.
قال المفسرون: إن أول ما نسخ من أمور الشرع أمر القبلة (¬5). وهذه
¬__________
(¬1) البيت بلا نسبة في "جمهرة اللغة" 2/ 728.
(¬2) بتصرف من "معاني القرآن" للزجاج 1/ 222، ونقل الإجماع على النحو ابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 156، وينظر: "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 220 - 221، "التبيان" للعكبري ص 99. وينظر في معاني الشطر: "تفسير الطبري" 2/ 20 - 21، "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ص 60، "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص 64، "المفردات" ص 264، "تفسير القرطبي" 2/ 146.
(¬3) ينظر: "لسان العرب" 2/ 847 - 848.
(¬4) ينظر: "تفسير الثعلبي" 1/ 1244.
(¬5) قاله ابن عباس كما رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 253 عنه، ورواه أبو داود في ناسخه كما في "الدر المنثور" 1/ 269، ورواه الطبري عن الحسن وعكرمة 2/ 4، وينظر: "تفسير الثعلبي" 1/ 1241.

الصفحة 390