كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

الآية نزلت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجد بني سلمة، وقد صلّى بأصحابه (¬1) ركعتين من صلاة الظهر، فتحول في الصلاة نحو الكعبة، وحول الرجالَ مكانَ النساء، والنساءَ مكانَ الرجال، فسمي ذلك مسجد القبلتين (¬2). فلما حولت القبلة إلى الكعبة قالت اليهود: يا محمد، ما أُمرت بهذا، وإنما هو شيء تبتدعه من تلقاء نفسك! فأنزل الله سبحانه: {وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ} (¬3)، والكناية في {أَنَّهُ} يجوز أن ترجع إلى المسجد الحرام، أي: إنهم عالمون أن المسجد الحرام قِبْلَة إبراهيم وأنه حق.
¬__________
(¬1) في (م): (أصحابه).
(¬2) ذكره الثعلبي في "تفسيره" 1/ 1244 عن مجاهد وغيره، وينظر: "تفسير البغوي" 1/ 162، (الخازن) 1/ 121.
(¬3) ذكره مقاتل في "تفسيره" 1/ 146، وذكره هكذا الثعلبي في "تفسيره" 1/ 1244، والبغوي 1/ 162، وأخرج الطبري 2/ 24 - 25 نحوه عن السدي، وقد اختلفت الروايات كثيرًا في الوقت والمكان والكيفية التي غيرت فيها القبلة، وقد ذكر جملة منها: السيوطي في "الدر المنثور" 1/ 267 - 273.
وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 1/ 503: اختلفت الرواية في الصلاة التي تحولت القبلة عندها، وكذا في المسجد، فظاهر حديث البراء هذا أنها الظهر، وذكر محمد بن سعد في "الطبقات" قال: يقال: إنه صلى ركعتين من الظهر في مسجده بالمسلمين، ثم أمر أن يتوجه إلى المسجد الحرام، فاستدار إليه، ودار معه المسلمون، ويقال: زار النبي - صلى الله عليه وسلم - أم بشر بن البراء بن معرور في بني سلمة، فصنعت له طعامًا، وحانت الظهر، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه ركعتين، ثم أمر فاستدار إلى الكعبة، واستقبل الميزاب، فسمي مسجد القبلتين. قال ابن سعد: قال الواقدي: هذا أثبت عندنا. وذكر ابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 157، خلاف العلماء في وقت تحويل القبلة فلينظر.

الصفحة 391