كانوا هم أجدر وأخلق، بتكاثف الأوزار، واجتماع الآثام، عند ما يظهر منهم من إيثار الضلال والانحراف عن الحق.
وذكر وجه ثالث: وهو أن معنى {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ} أي: في المداراة معهم حرصًا على إيمانهم {إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} لنفسك، إذ قد أعلمتك أنهم لا يؤمنون (¬1).
وذكرنا الكلام في معنى (إذن) عند قوله: {فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا} [النساء: 53].
146 - قوله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ} الآية، الكناية في {يَعْرِفُونَهُ} تعود إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - عند أكثر المفسرين (¬2). وكنى عن محمد، وقد تقدم ذكره في الخطاب؛ على عادة العرب في تلوين الخطاب.
ويشهد بصحة (¬3) هذا التأويل: ما روي أن عبد الله بن سلام قال لما نزلت هذه الآية، وسئل عن معرفته محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، فقال: والله لأنا بمحمد وصحة نبوته أعرف مني بابني؛ لأني لا أشك في أمره، ولا أدري ما أحدث النساء (¬4).
¬__________
(¬1) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 224، "المحرر الوجيز" 2/ 18 - 19.
(¬2) ينظر: "تفسير الثعلبي" 1/ 1246، وعزاه في "المحرر الوجيز" 2/ 21 إلى قتاده ومجاهد، وعزاه في: "زاد المسير" 1/ 158 إلى ابن عباس، ولم يذكر ابن كثير في "تفسيره" 1/ 207 غيره، وقال في "البحر المحيط" 1/ 435: "واختاره الزجاج ورجحه التبريزي، وبدأ به الزمخشري" وهو الذي رجحه أبو حيان.
(¬3) في (م): (على صحة).
(¬4) أخرجه الثعلبي في "تفسيره" 1/ 1246، من حديث ابن عباس، وفيه الكلبي، وينظر "الفتح السماوي" 1/ 195، "الوسيط" للواحدي 1/ 215، وذكره السمرقندي في "بحر العلوم" 1/ 166، والحيري في "الكفاية" 1/ 82، =