بآكل شارب، فتنفي (¬1) عنه الفعلين.
وقوله تعالى: {وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ} دخلت (لا) لأنه معطوف على قوله: (ذلول) فلما كان فيه حرف النفي أدخل أيضا فيما انعطف عليه (¬2).
[وجاز عطف الفعل على الاسم، لأن فيه معنى الفعل كأنه قيل: لم تُذلَّل، والاسم إذا كان مبنيّاً على الفعل] (¬3) جاز عطف الفعل عليه، كما تقول: زيد صائم ويصلي، ويجوز أن تكون (لا) مستأنفة، يراد بها: لا ذلول تثير الأرض، وليست تسقي الحرث.
قال أبو العباس: والحرث كل موضع ذللته من الأرض ليزرع (¬4) فيه، ويقال له عند غرسه وبذره إلى حيث بلغ: حرث. فمعنى الحرث: الأرض المهيأة للزرع (¬5)، ومنه قوله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223]، على التشبيه بالأرض التي (¬6) قد هُيِّئت للزرع. فأما الزرع فإنما هو النماء، من ذلك قولك للصبي: زرعه الله (¬7)، ويوضح هذا قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا
¬__________
(¬1) في (أ): (فينفى) وفي (ج): (فينتفي).
(¬2) وأجاز الزمخشري أن تكون (لا) مزيدة، لتأكيد النفي في الأولى. انظر "الكشاف" 1/ 288، قال أبو حيان: (ووافقه على جعل الثانية مزيدة صاحب المنتخب، وما ذهب إليه ليس بشيء، لأن قوله: (لا ذلول) صفة منفية بلا، وإذا كان الوصف كان الوصف قد نفى بـ (لا) لزم تكرار (لا) النافية لما دخلت عليه ....) "البحر" 1/ 255، وانظر "الدر المصون" 1/ 430.
(¬3) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج)، وأثبته من (ب) لأن استقامة السياق تقتضيه.
(¬4) في (ب): (لتزرعه).
(¬5) انظر: "تهذيب اللغة" (حرث) 1/ 774، "الصحاح" (حرث) 1/ 279، "جمهرة أمثال العرب" 2/ 34، 35، "مقاييس اللغة" (حرث) 2/ 49، "اللسان" (حرث) 2/ 819.
(¬6) في (أ)، (ج) (الذي)، وأثبت ما في (ب) لأنه أصوب.
(¬7) انظر: "تهذيب اللغة" (زرع) 2/ 1524، "اللسان" (زرع) 3/ 1826.