كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

وقرأ ابن عامر (¬1): (هو مولّاها) (¬2). وعلى هذه القراءة الكناية تعود إلى كل فقط، والمفعولان مذكوران، وذلك أنه حذف الفاعل، وأضاف المفعول الأول إلى المفعول الآخر، الذي هو ضمير المؤنث العائد إلى الوجهة، أي: كلٌّ وُلِّي جهةً، وهذه القراءة تؤول في المعنى إلى القراءة الأولى (¬3)؛ لأن التولية في المعنى استقبال، وما استقبلك فقد استقبلته، وما استقبلته فقد استقبلك.
وقال أبو (¬4) الحسن النحوي فيما قرأته عليه: من قرأ بفتح اللام فحجته قوله: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً} فلما كان الله هو الذي يولّي القبلةَ فالإنسان مولًّى (¬5) إياها، ومن قرأ بكسر اللام قال: لما كان الله هو الذي يولّي المتوجه القبلة؛ كان إسناد التولية إليه أولى. وموضع {هُوَ مُوَلِّيهَا} رفع؛ لأنها جملة وقعت صفةً لقوله {وِجْهَةٌ} (¬6).
وقال الحسن في هذه الآية: هو كقوله: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا} [الحج: 67] (¬7).
¬__________
(¬1) في (م): (عباس). وعند الفراء في "معاني القرآن" 1/ 85: وقرأ ابن عباس وغيره. وكذا عند الطبري 2/ 29.
(¬2) ينظر: "السبعة" ص 171، "الكشف" لمكي 1/ 267، "النشر" 2/ 223.
(¬3) من كلام أبي علي في "الحجة" 2/ 240، وزاد: ألا ترى أن في (موليها) ضمير اسم الله عز وجل، فإذا أسند الفعل إلى المفعول به، وبناه له، ففاعل التولية هو الله تعالى، كما كانت القراءة الأخرى كذلك.
(¬4) في (ش) سقطت (أبو).
(¬5) في (ش) و (م): كتبت (مولي) بنقطتين.
(¬6) ينظر: "التبيان" للعكبري ص 99 - 100، "البحر المحيط" 1/ 437.
(¬7) وفي "البحر المحيط" 1/ 437: وقال الحسن: وجهة: طريقة، كما قال: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا).

الصفحة 401