كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

بـ (ما)، أو لم توصل بها، فقوله إذن لا فائدة فيه، ولا نكتة تحته، كما لا فائدة في قول القائل: الفعل يرفعُ الفاعل إذا كان ماضيًا؛ لأنه يرفع ماضيًا كان أو آتيًا (¬1)، ومما جزم أين (¬2) من غير وصلها بـ (ما). قول الشاعر:
أين تصرِفْ بنا الغداة تجدنا ... نصرف العيس نحوها للتلاقي (¬3) (¬4)
وأما التفسير: فلأهل التفسير في هذه الآية طريقان:
أحدهما: التعميم. والثاني: التخصيص.
فأما التخصيص فقوله: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} أراد: القبلة في الصلاة لكل أهل دين (¬5)، كما ذكرنا.
وقوله {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} قال الزجاج: أي: فبادروا إلى القبول من الله عز وجل، وولّوا وجوهكم حيث أمركم الله أن تولوا (¬6). وعلى هذا {الْخَيْرَاتِ} على صيغتها من العموم، وهي مخصوصة؛ لأنه أراد الابتدارَ إلى استقبال الكعبة.
وقوله تعالى: {أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا} قيل: إنه في
¬__________
(¬1) "الإغفال" ص 387.
(¬2) في (ش): (أي).
(¬3) البيت لابن همام السلولي في "الكتاب" 3/ 58، وبلا نسبة في "الإغفال" ص 389، "شرح ابن يعيش" 4/ 105، "المقتضب" 2/ 48، "شرح الأشموني" 3/ 580، والرواية في بعض نسخ "الإغفال" وبعض المصادر:
أين تضرب بنا العُداة
(¬4) من "الإغفال" ص 389، باختصار.
(¬5) ينظر أثر ابن عباس والسدي وابن أبي زيد ومجاهد والربيع وعطاء في هذا: عند ابن جرير 2/ 28، 29، وابن أبي حاتم 1/ 256 - 257.
(¬6) "معاني القرآن" للزجاج 1/ 226، وينظر أثر قتادة عند الطبري في "تفسيره" 2/ 30.

الصفحة 404