مائةً، لا يصلح استثناء المائة من العشرة، فعادت المائة إلى الألف لا بالاستثناء ولكن بالعطف، كأنك أغفلت المائة فاستدركتها فقلت: اللهم إلا مائة فالمعنى: لي عليه ألف ومائة، وكما قال الشاعر:
ما بالمدينة دارٌ غيرُ واحدةٍ ... دارُ الخليفة إلا دارُ مروانا (¬1)
كأنه قال: ما بالمدينة دار إلا دار الخليفة ودار مروان (¬2).
فعند الفراء إنما تكون (إلا) (¬3) بمنزله الواو إذا عطفتها على استثناء قبلها، لا يصلح أن يكون الثاني استثناء من الأول، كما بيّنا، ومن الناس من صوّب أبا عبيدة في مذهبه، وصحح قوله بما احتج به من الشعر.
وقال قطرب: الاستثناء في هذه الآية من الضمير في {عَلَيْكُمْ}، المعنى: لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا على الذين ظلموا منهم فإن عليهم الحجة (¬4)، وهذا الوجه اختيار أبي منصور الأزهري. حكاه لي أحمد بن إبراهيم المقبري -رحمه الله- عن الحسن بن محرم، عنه.
قال أبو بكر بن الأنباري: وهذا عندي بعيد رديء (¬5)؛ لأن المكني المخفوض لا ينسق عليه إلا بإعادة الخافض، ولأن (¬6) الكاف والميم في عليكم، للمخاطبين، فلو استثنى الذين ظلموا منهم لقال: إلا الذين ظلموا
¬__________
(¬1) البيت للفرزدق في "الكتاب" 2/ 340، وليس في "ديوانه"، وبلا نسبة في "تذكره النحاة" ص 596، "المقتضب" 4/ 425.
(¬2) ينظر: "معاني القرآن" للفراء 1/ 89 - 90.
(¬3) سقطت من (ش).
(¬4) ينظر: "تفسير الثعلبي" 1/ 1257، "التفسير الكبير" 4/ 140، "البحر المحيط" 1/ 442، وممن ضَّعف هذا: الطبري في "تفسيره" 2/ 34.
(¬5) ساقط من (أ)، (م).
(¬6) في (ش): (ولكن).