كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

بتوحيدي، وتصديقه {أَذْكُرْكُمْ} برحمتي ومغفرتي والثناء عليكم (¬1).
قال ابن عباس: قوله: {وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ} قال: هذا كله للمهاجرين والأنصار، فأوّل الآية الخطابُ عامٌّ؛ لأن الإرسال عام، وباقي الآية خاص؛ لأن تلاوته وتعليمه وتزكيته مما خص الله به أقوامًا دون (¬2).
ومعنى قوله: {وَيُزَكِّيكُمْ} أي: يعرضكم لما تكونون به أزكياء، من الأمر بطاعة الله، واتباع مرضاته (¬3)، ويحتمل أن يكون المعنى: ينسبكم إلى أنكم أزكياء بشهادته لكم؛ ليعرفكم الناس به، وقد ذكرنا معنى التزكية فيما تقدم (¬4).

152 - قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} أصل الذكر في اللغة: التنبيه على الشيء، ومن ذكّرك شيئا فقد نبهك عليه، وإذا ذكرته فقد تنبهت عليه، والذَّكرُ أَنْبَهُ من الأنثى. وقوله: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ} [الزخرف: 44] أي: شرف لك، من النباهة. ومعنى الذكر: حضور المعنى للنفس، ثم يكون تارة بالقلب، وتارة بالقول، وليس موجبه أن يكون بعد النسيان؛ لأنه يستعمل كثيرًا دون أن يتقدمه نسيان (¬5).
¬__________
(¬1) من كلام الزجاج 1/ 228، وينظر: "تفسير الطبري" 2/ 37، والثعلبي 1/ 1262 - 1265، والبغوي 1/ 167.
(¬2) سقط في نسختي: (أ)، (م). وأما في (ش) فبياض بمقدار كلمة ولعلها (أقوام).
(¬3) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 36 - 37.
(¬4) ينظر ما تقدم في قوله: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ} [البقرة: 129].
(¬5) ينظر في الذكر: "البحر المحيط" 1/ 445 - 446، "لسان العرب" 3/ 1507 - 1509 (ذكر)، وقال الراغب في "المفردات" ص 184: الذكر ذكران: ذكر بالقلب، وذكر باللسان، وكل واحد منهما ضربان، ذكر عن نسيان، وذكر لا عن نسيان، بل عن إدامة الحفظ، وكل قول يقال له ذكر.

الصفحة 419