كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

قال سعيد بن جُبير: (اذكروني) بطا عتي {أَذْكُرْكُمْ} بمغفرتي (¬1). وقيل: اذكروني بالدعاء أذكركم بالإجابة (¬2).
وقوله تعالى: {وَاشْكُرُوا لِي} تقول العرب: شكرته وشكرت له، ونصحته ونصحت له، في أحرف تسمع ولا تقاس. فمن قال: شكرتك، أوقع اسم المنعم موقع النعمة، فعدّى الفعل بغير وسيطة، والأجود: شكرت لك؛ لأنه الأصل في الكلام، والأكثر في الاستعمال (¬3). والنعمة محذوفة من الآية؛ لأن معنى الكلام: واشكروا لي نعمتي؛ لأن حقيقة الشكر إنما هو إظهار النعمة، لا إظهار المنعم. وكذلك {وَلَا تَكْفُرُونِ} أي: لا تكفروا نعمتي (¬4)؛ لأن أصل الكفر إنما هو ستر النعمة (¬5) لا ستر
¬__________
(¬1) رواه عنه الطبري في "تفسيره" 2/ 37، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 314، وذكره الثعلبي 1/ 1263، وعزاه في "الدر" 1/ 273 إلى عبد بن حميد، وأخرجه أبو الشيخ والديلمي من طريق جويبر عن ابن عباس مرفوعًا.
(¬2) ذكره الثعلبي في "تفسيره" 1/ 1267.
(¬3) ينظر: "تفسير الطبري" 1/ 37 - 38، "المفردات" ص 268، "لسان العرب" 4/ 2305 (شكر)، قال: يقال: شكرته، وشكرت له، وباللام أفصح، وقال الفراء في "معاني القرآن" 1/ 92: العرب لا تكاد تقول شكرتك، إنما تقول: شكرت لك، ونصحت لك، ولا يقولون: نصحتك، وربما قيلتا. وقال في "البحر المحيط" 1/ 447: وهو من الأفعال التي ذكر أنها تارة تتعدى بحرف الجر، وتارة تتعدى بنفسها وقالوا: إذا قلت شكرت لزيد، فالتقدير: شكرت لزيد صنيعه، فجعلوه مما يتعدى لواحد بحرف جر ولآخر بنفسه، ولذلك فسر الزمخشري هذا الموضع بقوله. واشكروا لي ما أنعمت به عليكم.
(¬4) ينظر: "تفسير الثعلبي" 1/ 1269، "البحر المحيط" 1/ 447.
(¬5) ينظر في الكفر: "تفسير الطبري" 2/ 37 - 38، وقال في "المفردات" ص 435: وكفر النعمة وكفرانها: سترها بترك أداء شكرها والكفران في جحود النعمة أكثر استعمالاً، والكفر في الدين أكثر، والكفور فيهما جميعًا.

الصفحة 420