وقوله تعالى: {بَلْ أَحْيَاءٌ} أي: بل هم أحياء، والأحسن في حياة الشهداء، وكيفية وصفهم بها (¬1) ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أرواح الشهداء في أجوافِ طيرٍ خُضْرِ، تسرَحُ في ثمار الجنة، وتشرب من أنهارها، وتأوي بالليل إلى قناديلَ من نورِ معلّقةِ بالعرش (¬2) ".
وقوله تعالى: {وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ} أي: ما هم فيه من النعيم والكرامة، وقيل {وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ} أنهم أحياء (¬3).
فإن قيل: كيف لا يشعرون وقد أخبر الله بذلك؟
قلنا: أراد: لا يحسّون ذلك؛ لأنهم لا يشاهدون (¬4)، وهذا النوع من العلم مقتضى (¬5) الشِعْرِ، وذكرنا هذا في أول السورة (¬6)، وبيّنّا أنه لهذا المعنى لا يقال: الله يشعر.
155 - قوله تعالى {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ} النون فيه للتأكيد، واللام جواب قسم
¬__________
= إخوانهم وقراباتهم، فنزلت مسلية لهم، تعظم منزلة الشهداء، فصاروا مغبوطين لا محزونا عليهم. ينظر: "العجاب" لابن حجر 1/ 403 - 405، "البحر المحيط" 1/ 448.
(¬1) سقطت من (م).
(¬2) أخرجه مسلم عن عبد الله بن مسعود (1887) كتاب الإمارة، باب: بيان أن أرواح الشهداء في الجنة.
(¬3) ينظر: "تفسير الثعلبي" 1/ 1270، "البحر المحيط" 1/ 448، وقال: ولكن لا تشعرون بكيفية حياتهم، ولو كان المعنى بأحياء: أنهم سيحيون يوم القيامة أو أنهم على هدى، فلا يقال فيه ولكن لا تشعرون؛ لأنهم قد شعروا به.
(¬4) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 40.
(¬5) في (ش): (فيقتضي).
(¬6) عند قوله: {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [البقرة: 9].