كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

بالصواب من حيث كان أكثر نظيرًا. وقوله إنما يحصل (¬1) فيه على دعوى مجردة من البرهان.
وقوله تعالى: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} أي: نحن وأموالنا لله، ونحن عبيد يصنع بنا ما يشاء، وفي {إِنَّا لِلَّهِ} إقرار له بالعبودية {وَإِنَّا إِلَيْهِ} إقرار بالبعث والنشور (¬2).
ومعنى الرجوع إلى الله: الرجوع إلى انفراده بالحكم، كما كان أول مرة، إذ قد مَلَّك قومًا في الدنيا شيئًا من الضر والنفع لم يكونوا يملكونه، ثم يرجع الأمر إلى ما كان، إذا زال تمليك العباد (¬3).
وقال أبو بكر الوراق: {إِنَّا للِّهِ}: إقرار منّا له بالملك {وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}: إقرار على أنفسنا بالهلك (¬4)، وظاهر الخطاب في هذه الآية يقتضي أن يكون قول القائل: {إِنَّا للِّهِ} على إثر المصيبة من غير أن يتخللها جزع؛ ليستحق الثواب الموعود. يؤيد هذا: ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لامرأة جزعت ثم راجعت: "إنما الصبر عند الصدمة الأولى" (¬5). الصبر الموعود عليه الأجر والثواب (¬6).
¬__________
(¬1) في (ش): كأنها: (يتحصل).
(¬2) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 42، "المحرر الوجيز" 2/ 34، "البحر المحيط" 1/ 451.
(¬3) في (ش): (العبادة).
(¬4) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" 1/ 1277، والرازي في "تفسيره" 4/ 171، وذكره القرطبي في "تفسيره" 2/ 161 [دون نسبة].
(¬5) أخرجه البخاري (1283) كتاب الجنائز، باب: زيارة القبور، ومسلم (926) كتاب الجنائز، باب: في الصبر على المصيبة عند الصدمة الأولى.
(¬6) ينظر في ذلك: كتاب "عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين" ص 114 وما بعدها.

الصفحة 430