ويختم بالمروة، ويسعى بينهما سعيًا، فيكون مسيره من الصفا إلى المروة شوطًا من السبع، وعوده من المروة إلى الصفا شوطًا ثانيًا، فإن بدأ بالمروة إلى الصفا لم يحسب هذا الشوط (¬1)؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما دنا من الصفا في حجته قرأ: " {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} ابدأوا (¬2) بما بدأ الله به" فبدأ بالصفا فرقي عليه، حتى رأى البيت، ثم مشى حتى إذا تصوبت قدماه في الوادي سعى (¬3).
وقوله تعالى: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} فيه وجهان من القراءة (¬4):
أحدهما: {تَطَوَّعَ} على تَفَعَّل ماضيًا وهذه القراءة تحتمل أمرين (¬5):
أحدهما: أن يكون موضع تطوَّع جزمًا، وتجعل (مَن) للجزاء، وتكون الفاء مع ما بعدها من قوله: {فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} في موضع جزم؛ لوقوعها موقع الفعل المجزوم، والفعل الذي هو {تَطَوَّعَ} على لفظ المثال
¬__________
= ومجاهد وعطاء وابن سيرين، وهو رواية عن أحمد. ومنهم من قال: إنه واجب وليس بركن، وإذا تركه جبره بدم، وهو مذهب الحسن وأبي حنيفة وصاحبيه والثوري. ينظر "أحكام القرآن" للجصاص 1/ 18، "تفسير الطبري" 2/ 49، "المغني" 5/ 238، "أحكام القرآن" لابن العربي 1/ 48، "تفسير القرطبي" 2/ 167، "تفسير ابن كثير" 1/ 213.
(¬1) ينظر: "المغني" لابن قدامة 5/ 237.
(¬2) في (م): (فابدأوا).
(¬3) جزء من حديث جابر الطويل في صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، أخرجه مسلم (1218) كتاب: الحج، باب: حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(¬4) قرأ حمزة والكسائي وخلف: (يَطَّوَّعْ) بالياء التحتية، وتشديد الطاء، وإسكان العين على الاستقبال، والباقون: بالتاء الفوقية، وتخفيف الطاء، وفتح العين. ينظر "السبعة" ص 172، "النشر" 2/ 223.
(¬5) في (م): (وجهين).