كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

وجمعه شِمالٌ. ومجيء الجمع على لفظ الواحد مما يدل على قلة حفلهم بالفرق بينهما من طريق اللفظ، وأنهم اعتمدوا في الفرق على دلالة الحال، ومتقدم الكلام ومتأخره (¬1).
وقال سيبويه (¬2): الفلك إذا أريد به الواحد فضمة الفاء فيه بمنزلة ضمة (¬3) باء بُرْد، وخاء خُرْج، وإذا أريد به الجمع، فضمة الفاء بمنزلة ضمة الحاء في حُمْر، والصاد من صُفْر، فالضمتان وإن اتفقتا في اللفظ فإنَّهما مختلفتان (¬4) في المعنى، وغير منكر أن يتفق اللفظان من أصلين مختلفين، ألا ترى أن من رخّم منصورًا في قول من قال: يا جار، قال: يامنصُ، فبقى الصاد مضمومة، كما بَقَّى الراء مكسورة، ومن قال: يا جارُ، فاجتلب للنداء ضمةً قال أيضًا: يا منصُ، فحذف ضمّةَ الصاد، كما حذف كسرة الراء، واجتلب للصاد ضمةَ النداء، كما اجتلب للراء ضمة النداء، إلا أن لفظ: يا منصُ في الوجهين واحد، والمعنيان متباينان.
وقوله تعالى: {تَجْرِي فِي الْبَحْرِ} قد مضى الكلام في البحر. والآية في الفلك: تسخيرُ الله تعالى إياها، حتى يجريَها على وجه الماء، كما قال: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ} [إبراهيم: 32]، ووقُوفُها فوق الماء مع ثقلها وكثرة وزنها.
وقوله تعالى: {يَنْفَعُ النَّاسَ} أي: بالذي ينفعهم، من ركوبها،
¬__________
(¬1) ينظر: "تفسير غريب القرآن" ص 64، "تفسير الطبري" 2/ 64، "تهذيب اللغة" 3/ 2831 (فلك)، "تفسير الثعلبي" 1/ 1310.
(¬2) قريب منه ما في "الكتاب" 3/ 577، ونقله عنه في "اللسان" 6/ 3465 (فلك).
(¬3) في (م): (ضمها).
(¬4) في (م): (فهما مختلفان)، وفي (أ): (فإنهما مختلفان).

الصفحة 456