كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

الجمع؛ لأن كل واحد من هذه الرياح مثل الأخرى في دلالتها على الوحدانية، وتسخيرها؛ لينتفع الناس بها بتصريفها، وإذا كان كذلك فالوجه أن تجمع؛ لمساواة كل واحدة منها الأخرى. وأما من وحّد فإنه يريد الجنس، كما قالوا (¬1): أهلك (¬2) الناس الدينار والدرهم، وإذا أريد بالريح الجنس كانت قراءة من وحّد كقراءة من جمع.
فأما ما روي في الحديث من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا هبت ريح قال: "اللهم اجعلها رياحًا ولا تجعلها ريحاً" (¬3).
فمما (¬4) يدل على أن مواضع الرحمة بالجمع أولى قوله (¬5): {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ} [الروم: 46]، وإنما تبشر بالرحمة، ويشبه أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قصد هذا الموضع من التنزيل. ومواضع الإفراد من
¬__________
= "النشر" 2/ 223، "الحجة" 2/ 248 - 251، وقد ذكروا المواضع التي اختلفت فيها القراء في القرآن كله.
(¬1) في (م): (يقال).
(¬2) في (م): (هلك).
(¬3) أخرجه الشافعي في الأم 1/ 253 باب القول في الإنصات عند رؤية السحاب، وفي "المسند" 1/ 175 برقم 502، باب في الدعاء من طريق العلاء بن راشد عن عكرمة عن ابن عباس، ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" 5/ 189، وأخرجه أبو الشيخ في "العظمة" 4/ 1352 من طريق العلاء بن راشد، وهو ضعيف، وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" 4/ 341، والطبراني في "الكبير" 11/ 213 من طريق الحسين بن قيس، وهو متروك. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 135: رواه الطبراني وفيه: حسين بن قيس، الملقب بحنش، وهو متروك، وقد وثقه حصين بن نمير، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(¬4) في (م): (رايدًا).
(¬5) في كتاب "الحجة" 2/ 257: ومواضع العذاب بالإفراد، ويقوي ذلك قوله تعالى.

الصفحة 464