كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

على هذه الطريقة فلم يثبتوا للكفار حبًا لله، وجعلوا حب الله للمؤمنين (¬1)، وشبهوا حُب الكفار للأصنام بحب المؤمنين لله (¬2).
الطريق الثاني: أن المعنى فيه: يحبونهم كحب الله، أي: يسوّون بين هذه الأصنام وبين الله عز وجل في الحب، فيكون تقدير الآية: يحبونهم كحبهم الله، فيضاف الحب إلى الله عز وجل، والمشركون هم المُحِبُّون (¬3)، وعلى المشركين في تسويتهم بين الله عز وجل والأصنام في المحبة أعظم الحجج وأوكدها، إذ أحبوا وعبدوا ما لا ينفع ولا يضر، ولا يحيي ولا يميت. وقد بيّن الله -عز اسمه- ما يدل على هذا المعنى في قوله: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3]. وهذا القول اختيار الزجاج (¬4) وابن كيسان (¬5)، وعلى هذا فقد أثبت للمشركين حبًّا لله، شبه حبّهم الأصنام بحبهم الله تعالى.
وقال أبو رَوق: معنى قوله: {كَحُبِّ اللَّهِ}، أي: يحبون الأصنام حُبًّا لا يستحقّ مثلَ ذلك الحبِّ إلا اللهُ، ويحبونهم كما ينبغي لهم أن يحبوا الله، فالمعنى فيه: كالحب المستحق لله.
ثم قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} قال ابن عباس: أي:
¬__________
(¬1) في (أ)، (م): (المؤمنين).
(¬2) في (م): (الله).
(¬3) في (م): (المحبين).
(¬4) "معاني القرآن" للزجاج 1/ 237، وقال عن القول الأول: (ليس بشيء، ودليل نقضه قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}. والمعنى: أن المخلصين الذين لا يشركون مع الله غيره هم المحبون حقًّا). وهو اختيار الرازي في "تفسيره" 4/ 204.
(¬5) "تفسير الثعلبي" 1/ 1314.

الصفحة 469