كفروا، ألا ترى إلى قوله: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 254]، وإنما كان ينبغي أن يسند إليهم الفعل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين قد علموا قدرَ ما يشاهدُ الكفارُ ويعاينونه من العذاب يوم القيامة، والمتوعدون في هذه الآية لم يعلموا ذلك، فوجب أن يسند الفعل إليهم (¬1)، وفتحوا {أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ}، لأنهم أعملوا فيه الرؤية، تقديره: ولو يرون أن القوة. ومعناه: ولو يرى الذين ظلموا شدة عذاب الله وقوته لعلموا مضرّة اتخاذ الأنداد. وقولنا: لعلموا، هو الجواب المحذوف، وإنما قدرنا هذا الجواب مع احتمال غيره؛ لأنه قد جرى ذكر اتخاذ الأنداد في أول الآية (¬2).
وقال أبو عبيد والزجاج (¬3): يجوز أن يكون العامل في (أن) جواب (لو) المقدر؛ لأنه قد جاء في تفسير هذه الآية: لو رأى الذين كانوا يشركون في الدنيا عذاب الآخرة، لعلموا حين يرونه أن القوة لله جميعًا، ففتحوا (أن) بالجواب المقدر وهو: لعلموا (¬4).
وضعّف أحمد بن يحيى هذا القول، وقال: (¬5) العَلَم لو حذف لم يترك صلته، وقال من احتج لهذا القول: حذف الموصول وإبقاء أصله لا ينكر، كقوله تعالى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94]، في قراءة من نصب، والمراد: ما بينكم، فحذفت (ما) وتُركت صلتها.
وقرأ أبو جعفر: (ولو يرى) بالياء (¬6)، وكسر (إن القوة) و (إن الله)
¬__________
(¬1) "الحجة" 2/ 261.
(¬2) "معاني القرآن" للزجاج 1/ 238.
(¬3) "معاني القرآن" للزجاج 1/ 238.
(¬4) في (ش): (وعلموا).
(¬5) في (م): (قال).
(¬6) في (ش): (بالتاء).