كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

قال الفراء: ولو فتحها على تكرير الرؤية كان صوابًا، كأنه قال: ولو ترى الذين ظلموا إذ (¬1) يرون العذاب يرون (¬2) {أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} (¬3). ومن قرأ بالياء ففتحُ {أَنَّ} في قراءته أبين؛ لأنه ينصب {أَنَّ} بالفعل الظاهر دون المضمر.
هذه وجوه اختلاف القراءة في هذه الآية (¬4). فإن قيل: كيف جاءت (إذ) في قوله: {إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ} مع قوله: {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} وهذا أمر مستقبل وإذ لما مضى؟، قيل: إنما جاء على لفظ المضي لإرادة التقريب في ذلك، كما جاء {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} [النحل: 77]، {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ} [الشورى:17]، فلما أريد فيها من التحقيق والتقريب؛ جاء على لفظ المضي، وعلى هذا جاء في ما هو من (¬5) أمر الآخرة أمثلة الماضي، كقوله: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 44]. ومما جاء على لفظ المضي للتقريب من الحال: قول المقيم: قد قامت الصلاة، يقول ذلك قبل إيقاعه التحريم بالصلاة؛ لقرب ذلك من قوله، وعلى هذا قول رؤبة:
أَوْدَيْتُ إن لم تَحْبُ (¬6) حَبْوَ المُعْتَنِكْ (¬7) (¬8)
¬__________
(¬1) من قوله: (فكان وجه الكلام). ساقطة من (ش).
(¬2) ليست في (أ)، (م).
(¬3) من "معاني القرآن" للفراء 1/ 97 - 98.
(¬4) من كلام أبي علي في "الحجة" 2/ 263 بتصرف.
(¬5) ساقطة من (أ)، (م).
(¬6) في (ش): (يجب).
(¬7) في (ش): (المعتبك).
(¬8) لرؤبة من قصيدة يمدح فيها الحكم بن عبد الملك في "ديوانه" ص 118،=

الصفحة 476