كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

وقوله تعالى: {كَذَلِكَ} أي: كتبرؤ (¬1) بعضهم من بعض (¬2). {يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ} قال الربيع بن أنس: يريهم أعمالهم القبيحة التي سلفت منهم في الدنيا حسراتٍ عليهم في الآخرة (¬3)؛ لأنهم إذا رأوا حُسْنَ مجازاة الله المؤمنين بأعمالهم الحسنة تحسروا على أن لم تكن أعمالُهم حسنةً، فيستحقّوا بها من ثواب الله مثلَ الذي استحقه المؤمنون.
وقال ابن كيسان: يعني بأعمالهم: عبادَتَهم الأوثان رجاء أن تقربهم إلى الله، فلما عُذِّبوا على ما كانوا يرجون ثوابه تحسّروا وندموا (¬4).
قال أبو إسحاق: والحَسْرَةُ: شِدَّةُ الندم، حتى يبقى النادم كالحسير من الدوابّ الذي لا منفعة فيه، ويقال: حَسِرَ فلان يَحْسَر حَسْرَةً وحَسَرًا: إذا اشتدَّ نَدَمُه على أمر فاته، قال المَرَّار:
ما أنا اليومَ على شيء خلا ... يا ابنةَ القَيْنِ تَوَلَّى بِحَسِرْ (¬5).
أي: بنادم.
وأصل الحَسْر: الكشف، يقال: حَسَر عن ذراعه، والحَسْرَة: انكشاف عن حال الندامة (¬6)، والحُسُور: الإعياء؛ لأنه انكشاف الحال
¬__________
(¬1) في (ش): (كثير).
(¬2) من "معاني القرآن" للزجاج 1/ 240، وينظر: "تفسير الثعلبي" 1/ 1322 وذكر وجها آخر، أي: كما أراهم العذاب كذلك يريهم الله!
(¬3) رواه عنه الطبري في "تفسيره" 2/ 75، وذكره الثعلبي 1/ 1323، والقرطبي 2/ 190.
(¬4) ذكره الثعلبي 1/ 1323، والواحدي في "الوسيط" 1/ 252، "البغوي" 1/ 180.
(¬5) البيت للمرار في "لسان العرب" 2/ 869.
(¬6) سقطت من (م).

الصفحة 481