كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

قال الفراء: يقال: قد حَلَّ الشيء فهو يَحِلُّ حَلالًا وحلًا، وحَلَّ من إحرامه يَحِلُّ حلالًا، وأصله: من الحَلِّ الذي هو نقيض العَقْد، ومعنى الحلال: المباح الذي انحلت عُقْدة الحظر عنه. ومنه: حلَّ بالمكان، إذا نزل به؛ لأنه حلّ شدّ الارتحال للنزول. وحَلّ الدَّين: إذا وجب؛ لانحلال العُقْدة بانقضاءِ المدة، وحَلَّ من إحرامه؛ لأنه حل عقدة الإحرام. وحلت عليه العقوبة، أي: وجبت، لانحلال العقدة المانعة من العذاب، والحُلّة: الإزار والرداء؛ لأنها تحل عن الطي للبس، ومن هذا: تَحِلَّةُ اليمين؛ لأن عقدة اليمين تنحلّ به (¬1).
والطيب في اللغة يكون بمعنى: الطاهر، والحلال يوصف بأنه طيب؛ لأن الحرام يوصف بأنه خبيث، قال الله تعالى: {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ} [المائدة: 100]. والأصل في الطيب: هو ما يُسْتَلَذُّ ويستطاب، وَوُصفَ به الطاهر والحلال على جهة التشبيه؛ لأن النجسَ تكرهُهُ النفس فلا يُسْتَلَذّ، والحرام غير مستلَذّ؛ لأن الشرع يزجر عنه (¬2).
قال ابن عباس: يريد: قد غَنَّمْتُكم مال أعدائكم (¬3)، فعلى هذا عنى بالحلال الطيب: الغنيمة.
وقال أهل المعاني: أراد كل ما يغتذى به من المطاعم، ولهذا جمع
¬__________
(¬1) ينظر في الحلال "تفسير الطبري" 2/ 76، "تهذيب اللغة" 1/ 902 - 904 (حل)، "المفردات" ص 135، "تاج العروس" 14/ 158 - 168.
(¬2) ينظر في الطيب: "تفسير الطبري" 2/ 76، "تهذيب اللغة" 3/ 2147 - 2148 (طاب)، "المفردات" 314 - 315، "تفسير البغوي" 1/ 180، "تاج العروس" 2/ 188 - 192، "البحر المحيط" 1/ 479.
(¬3) هذا من رواية عطاء، وتقدم الحديث عنها.

الصفحة 483