كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

أحدهما: أن تكون حرفًا واحدًا، وما بعده من الأفعال يكون عاملًا في الأسماء على حسب عمله، فتقول: إنما دخلت دارَك، وإنما أعجبتني دارُك، وإنما مالي مالُك.
والوجه الآخر: أن تكون حرفين: ما منفصلة عن إنّ، وتكون بمعنى الذي (¬1)، وإذا (¬2) كان كذلك وصلتها بما توصل به (الذي)، ثم ترفع الاسم الذي يأتي بعد الصلة، كقولك: إنّ ما أخذت مالُك، وإنّ ما ركبتُ دابتُك، وفي التنزيل كثيرًا ما أتى على الوجهين:
كقوله (¬3): {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النساء: 171]، {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ} [هود: 12]، فهذه حرفٌ واحد؛ لأن (الذي) لا يصلح في موضع (ما). وأما التي (¬4) في مذهب (الذي) فقوله: {إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ} [طه: 69]، ولو نصب كيدَ ساحر على أن تجعل (إنما) حرفًا واحدًا كان صوابًا، وقوله تعالى: {وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ} [العنكبوت: 25]، تنصب المودة وترفع، على ما ذكرنا من الوجهين، هذا كله قول الفراء (¬5).
وقال الزجاج: {إِنَّمَا} إذا جعلته كلمةً واحدةً كان إثباتًا لما يذكر بعده ونفيًا لما سواه، فقوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ} معناه: ما
¬__________
(¬1) في (ش): (الذين).
(¬2) في (م): (وإن).
(¬3) في (م): (زيادة إنما الله إله).
(¬4) في (م): (الذي).
(¬5) "معاني القرآن" للفراء، وينظر: "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 229.

الصفحة 496