وقوله تعالى: {غَيْرَ بَاغٍ} يصلح أن يكون {غَيْرَ} حالًا للمضطر، ولا يصلح أن يكون استثناءً؛ لأن {غَيْرَ} هاهنا بمعنى: النفي؛ ولذلك عطف عليها بلا؛ لأنها في معنى لا (¬1).
قال الفراء: (غير) في هذا الموضع حال للمضطر، كأنك قلت: فمن اضطر لا باغيًا ولا عاديًا فهو له حلال (¬2).
وقوله: {بَاغٍ} أصل البغي في اللغة: الفساد وتجاوز الحد، قال الليث: البغي في عدو الفرس: اختيال ومرح، وإنه ليبغي في عدوه. ولا يقال: فرس باغ، والبغي: الظلم والخروج عن النَّصَفة، ومنه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ} [الشورى: 39].
الأصمعي: يقال: بغى الجرح يبغي بغيًا: إذا ترامى بالفساد، وبغت السماء: إذا كثر مطرها حتى تجاوز الحد.
الفراء: يقال للجرح إذا تورّم واشتد: بغى يبغي بغيًا، وبَغَى الجرح والبحر والحساب سواء: إذا طغى وزاد (¬3).
وقوله تعالى: {وَلَا عَادٍ} العدْو: هو التعدي وتجاوز ما ينبغي له أن يقتصر عليه، يقال: عدا عليه عَدْوًا وعُدُوًّا وعُدْوانًا وعدًا واعتداءً وتعديًا:
¬__________
(¬1) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 86، "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 230، "تفسير الثعلبي" 1/ 1350، "التبيان" ص 110 قال الثعلبي: وإذا رأيت (غير) تصلح في موضعها (لا)، فهي: حال، وإذا صلح في موضعها (إلا)، فهي: استثناء، فقس على هذا ما ورد عليك من هذا الباب.
(¬2) "معاني القرآن" للفراء 1/ 102 - 103.
(¬3) ينظر في معاني البغي: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 244، "تفسير الثعلبي" 1/ 1351، "المفردات" ص 65 - 66، "البحر المحيط" 1/ 490.