كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

الإباحة إعانة له على فساده وظلمه، ولكن يتوب ويستبيح (¬1).
والثاني: أن هذا البغي والعدوان يرجعان إلى الأكل، ومعناه: غير آكلها تلذُّذًا من غير اضطرار، {وَلَا عَادٍ} ولا مجاوز ما يدفع به عن نفسه الجوع، وهذا قول السدي (¬2).
وقال الحسن (¬3)، وقتادة (¬4)، والربيع (¬5)، وابن زيد (¬6): (غير باغ) بأكله من غير اضطرار، ولا (عاد) يتعدى الحلال إلى الحرام، فيأكلها وهو غني عنها. وعلى طريقة هؤلاء يُباح للعاصي بسفره تناول الميتة عند الضرورة، وهو مذهب أهل العراق (¬7).
والتأويل الأول أولى؛ من حيث اللفظ والمعنى.
¬__________
= وقال القرطبي في "تفسيره" 2/ 214 - معقبا على قول ابن العربي-: وعجبا ممن يبيح له ذلك مع التمادي على المعصية، وما أظن أحدا يقوله، فإن قاله فهو مخطئ قطعا، قلت: الصحيح خلاف هذا؛ فإن إتلاف المرء نفسه في سفر المعصية أشد معصية مما هو فيه، قال الله تعالى: {وَلَا تَقتُلُواْ أَنفُسَكُم}، وهذا عام، ولعله يتوب في ثاني حال فتمحو التوبة عنه ما كان، وقد قال مسروق: من اضطر إلى أكل الميتة والدم ولحم الخنزير فلم يأكل حتى مات دخل النار، إلا أن يعفو الله عنه.
(¬1) "الأم" 2/ 226، وينظر: "تفسير الثعلبي" 1/ 1352.
(¬2) رواه عنه الطبري في "تفسيره" 2/ 88، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 284، ورواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(¬3) رواه عنه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 65، والطبري 2/ 87
(¬4) رواه عنه الطبري 2/ 87، وابن أبي حاتم 1/ 285.
(¬5) رواه عنه الطبري 2/ 87، وذكره الثعلبي 1/ 1353.
(¬6) رواه عنه الطبري 2/ 87، وذكره الثعلبي 1/ 1353.
(¬7) يعني به الحنفية، ينظر: "أحكام القرآن" للجصاص 1/ 156، وقد ناقش هذه القضية بتوسع وأجاب على أدلة المانعين، فلينظر: "أحكام القرآن" للتهانوي 1/ 120.

الصفحة 503